- تلبية لدعوة كريمة من صديقه معالي رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانتشيث، قام فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، بزيارة إلى لإسبانيا من 16 إلى 19 مارس 2022، حيث استقبله صاحب الجلالة الملك فيليبي السادس وأجرى لقاء مع معالي رئيس الحكومة الإسبانية، السيد بيدرو سانتشيث.
كما زار السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، إقليمي مورسيا و جزر الكناري، حيث تم استقباله من طرف رئيسي الإقليمين، كل على حدة.
وقد مكنت الزيارتان من الاطلاع على منشآت زراعية وصناعية هامة في بيئة مناخية مشابهة إلى حد ما للبيئة الموريتانية وستفتح فرصا للتعاون في المجالات المذكورة.
واستعرض الجانبان العلاقات الطيبة التي تربط بينهما والتي تمتاز بحسن الجوار والصداقة و تتأسس على أواصر تاريخية وثقافية عميقة وتطرقا إلى مختلف العلاقات المتنوعة والمميزة بين البلدين، واتفقا على القيام بما يلزم من أجل المصادقة على “معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون” التي تم توقيعها في 2008 للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى.
وأشاد كلا البلدين بما تحقق من آليات التعاون التي أثمرت نتائج بالغة الأهمية في عدد من المجالات مثل الصحة والهجرة والأمن وصيد الأسماك، وأعربا عن رغبتهما في مواصلة التعاون في تلك القطاعات التي باتت تقليدية، بل وتوسيع نطاقها إلى مجالات تعاون جديدة بما يلبي طموحاتهما في تنويع وتعزيز التعاون في شتى المجالات.
- أكدت إسبانيا وموريتانيا على تمسكهما بقوة بمبادئ الأمم المتحدة وبالقانون الدولي وفقا لقرار الجمعية العامة A/ES-11/L.1 بتاريخ 2 مارس 2022، وأسفهما للاعتداء على أوكرانيا ودعوتهما لاحترام سيادة سيادتها ووحدة أراضيها وعبر البلدان عن انشغالهما العميق بتدهور الوضع الإنساني في أوكرانيا ومحيطها.
- ونوهت إسبانيا بالتطور الإيجابي الملموس الذي سجلته موريتانيا في شتى المجالات خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما ما تم إحرازه من تقدم على مسار تعزيز الديمقراطية في البلاد منذ الانتخابات الرئاسية لعام 2019. كما أشادت بالنتائج التي حققتها موريتانيا على صعيد الاستقرار والأمن كمكسب بالغ الأهمية على المستوى الإقليمي. وتشارك موريتانيا بفعالية في العديد من المنتديات الإقليمية متعددة الأطراف في منطقتي البحر الأبيض المتوسط والساحل، وقد عززت في هذا السياق، مكانتها كشريك أساسي في إطار مجموعة دول الساحل الخمس G-5، وقد تجلى ذلك في ما توصلت إليه من نتائج إيجابية خلال رئاستها الدورية الأخيرة للمجموعة، كما تجسد في القمة التي احتضنتها نواكشوط في 30 يونيو 2020، والتي شارك فيها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيث.
- وقد ثمنت موريتانيا الدور المحوري الذي تضطلع إسبانيا ضمن الاتحاد الأوروبي ومجموعة العشرين G-20 والأمم المتحدة. كما أشادت بموقف إسبانيا الداعي إلى أن تشمل السياسة الأوروبية حوض المتوسط ومنطقة الساحل. وقد نظمت إسبانيا بنجاح المنتدى الإقليمي السادس للاتحاد من أجل المتوسط الذي شاركت فيه موريتانيا، والاجتماع الوزاري الثالث للاتحاد الأوروبي والجوار الجنوبي في برشلونة يومي 28 و29 نوفمبر 2021، و تتولى إسبانيا كذلك رئاسة “الجمعية العامة لتحالف الساحل” في النصف الأول من سنة 2022.
- وبخصوص جائحة كوفيد-19، فقد كانت موريتانيا أول بلد إفريقي وعربي يتلقى اللقاحات الإسبانية، مما اعتبره الجانبان نموذجا للتعاون في مكافحة الجائحة، حيث شمل إرسال ثلاث بعثات طبية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية من أجل تكوين أخصائيين وإرسال مشتلزمات طبية، ناهيك عن هبة تتكون من 955.200 لقاحا، إن على الصعيد الثنائي أو من خلال آلية كوفاكس COVAX. كما اتفق الجانبان على مواصلة العمل المشترك بهدف التعافي الاقتصادي من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للجائحة.
- وبخصوص التعاون في المجال الأمني، تشكر إسبانيا لموريتانيا جهودها على صعيد مكافحة الهجرة غير الشرعية وشبكات تهريب الأشخاص ومكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود.كما يتوافق البلدان على أهمية مواصلة تعزيز وترقية علاقات التعاون بينهما في هذه المجالات.وفي هذا الصدد يشكل اتفاق الهجرة الوافدة لعام 2003 واتفاق التعاون في مجال الأمن لعام 2015، أداتين فعالتين لاعتماد وتطوير آليات التعاون المستمر بين الأجهزة الأمنية للبلدين.
- من جانبها، أكدت إسبانيا على ضرورة مواصلة العمل بخصوص تبادل المعلومات وتنظيم الدوريات المشتركة وتطوير القدرات من أجل المعالجة المشتركة للقضايا الأمنية المشار إليها، التي تمثل أولوية بالنسبة لأجندة البلدين، الأمر الذي أعربت إسبانيا عن استعدادها لمواصلة دعمها له.
- كما أن الرئاسة الإسبانية لـ “مسار الرباط ومبادرة فريق أوروبا للطريق الأطلسي والمتوسط الغربي” التي روّجت لها إسبانيا في كنف الاتحاد الأوروبي، تمثل بدورها فرصة لترجمة إرادة البلدين للسعي معا لإيجاد حلول مستدامة لتحديات الهجرة في إطار الحوار الأورو-إفريقي حول الهجرة.
- واتفقت إسبانيا وموريتانيا على الحاجة إلى مواصلة تطوير مجالات التعاون بما يتجاوز تلك الموجودة بالفعل، لا سيما في مجال التعليم العالي والتكوين المهني والسلامة على الطرق والحماية المدنية، في إطار عملية التحديث التي تنفذها موريتانيا في هذه المجالات.
- وقد هنأت إسبانيا موريتانيا على الجهود التي تبذلها في مكافحة الإرهاب والنموذج الذي تقدمه في مكافحة التطرف. ومن خلال استقبالها لعلماء الدين من كل ربوع العالم الإسلامي، تكون موريتانيا قد وضعت استراتيجية شاملة أضحت بمثابة نموذج يحتذى به في منطقة الساحل. وفي عالم يسعى إلى مد جسور التفاهم بين الحضارات، فإن مكانة موريتانيا في العالم الإسلامي ومسيرتها الطويلة في التسامح يمثلان رصيدا يقتضي الرعاية. وفي هذا السياق، تعرب إسبانيا عن التزامها بالعمل مع موريتانيا من أجل توطيد التعاون القائم في هذا المجال.
- كما أن العلاقات بين وزارتي الدفاع ممتازة وتندرج في إطار اتفاقية التعاون الدفاعي لعام 1990. وتعقد اللجان الثنائية المشتركة اجتماعاتها على أساس منتظم وتشمل آليات التعاون، بناء القدرات والتكوين. ويندرج التعاون أيضا ضمن المبادرات متعددة الأطراف، مثل المشاركة في التمرينات المشتركة و تحضيرها.
- وتعتبر كل من إسبانيا وموريتانيا شريكين في الحوار المتوسطي لحلف الناتو وهي المبادرة التي تعكس الرؤية المشتركة للترابط الأمني الأوروبي الأطلسي مع الجوار الجنوبي. وتعمل إسبانيا على تعزيز آليات التفكير داخل المنظمة بشأن مساهمة الناتو في استقرار منطقة الساحل، تلك العملية التي تلعب فيها موريتانيا دورًا هاما بوصفها شريكا أساسيا للحلف في المنطقة.
- وفي المجال الاقتصادي اتفقت إسبانيا وموريتانيا على تكثيف التعاون التجاري والاستثماري ورحبتا بعقد منتدى أعمال في إطار هذه الزيارة، و ثمة إمكانيات لتطوير التعاون في مختلف المجالات التي تهم البلدين، مثل الطاقة المتجددة والزراعة والثروة الحيوانية وصيد الأسماك وصناعة الأغذية الزراعية والصحة والنقل والبناء والبنية التحتية. وسوف يعمل كلا البلدين لتحديد تلك الفرص وضمان الظروف الملائمة لتعزيز التعاون الاقتصادي واتخاذ ما يلزم لدفع عجلة التعاون في المجالات المذكورة. و على الرغم من متانة العلاقات التجارية بين البلدين فلا تزال هناك فرص ضخمة لتطويرها، ذلك أن حجم التبادلات التجارية تتقدم بوتيرة مرضية وتتحرر شيئا فشيئا من تداعيات جائحة كوفيد 19 حيث تعتبر إسبانيا أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لموريتانيا.�
- ويعد التعاون في مجال التنمية فصلا هاما في العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تعد موريتانيا بلدا يحظى بالأولوية في التعاون الإسباني ضمن إطار الخطة الخمسية التوجيهية. ويشمل الإطار التشاركي الحالي تدخلا في مجالات الحكامة الرشيدة وتعزيز قدرات المؤسسات والنوع والتنمية الريفية والأمن الغذائي والصحة. وسيمكن إبرام الإطار التشاركي الجاري من تحيين الأولويات المشتركة. ويتسق التعاون الموريتاني الإسباني مع التعاون الأوروبي عبر إطلاق مشروعي تعاون تنجزهما إسبانيا بالتفويض في القطاعات الاستراتيجية مثل الصيد ونجاعة الطاقة.
- وترتبط إسبانيا وموريتانيا بوشائج تاريخية وثقافية شكلت موروثا قويا يعود إلى الحقبة المرابطية. وقد أشادت إسبانيا بجهود موريتانيا للحفاظ على هذا التراث وبنجاح مهرجان مدائن التراث المنظم في دجمبر الماضي ب “وادان”، ونوّهت موريتانيا بالمشاركة المتميزة لإسبانيا في تلك التظاهرة. كما جددت إسبانيا التزامها بالمساهمة الفعالة في الحفاظ على التراث الموريتاني وحمايته من خلال مشاريع التعاون الثقافي بين المدن في كل من مدن ولاته وشنقيط والذي سيشمل ودان.
- وتأكيدا على هذه الروح اتفق البلدان على مواصلة الحوار من أجل تعميق التعاون الثقافي عبر توقيع مذكرة تفاهم في هذا المجال.
- وقد نوّهت موريتانيا بالعمل الذي يقوم به كل من “البيت العربي” و”بيت إفريقيا”، كأداتين للدبلوماسية العامة والتبادل الثقافي، إلى جانب النتائج الإيجابية التي أثمرتها مختلف برامج التبادل بما فيها برنامج RAISA وبرنامج المنح إفريقيا-ميد للوكالة الإسبانية للتعاون الدولي والتنمية AECID، والتي تشجع الروابط الإنسانية بين إسبانيا وموريتانيا، على أساس علاقات حسن الجوار بين البلدين.
- وإيمانا منهما بضرورة إقامة وتنفيذ تعاون قوي في مجال التعليم، وقّع الجانبان مذكرة تفاهم بين المدرسة الدبلوماسية لمملكة إسبانيا والأكاديمية الدبلوماسية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، بهدف تقوية التفاهم والتعارف المتبادل من خلال تكوين الدبلوماسيين وتبادل المعلومات والخبرات التجارب المفيدة.
- وبخصوص علاقات موريتانيا مع الاتحاد الأوروبي، سجلت إسبانيا وموريتانيا بارتياح حصيلة العمل باتفاقية كوتونو التي تعود بالنفع المتبادل على الجانبين، واتفقتا على أن دخول اتفاقية ما بعد كوتونو الجديدة حيز التنفيذ سيسهم في عصرنة آليات التعاون وتعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا كما سيمكن من رفع التحديات العالمية التي يواجهها كلا الجانبين ولا سيما التغيرات المناخية والهجرة والتنمية البشرية والسلم والأمن والنمو الاقتصادي المستدام.
- ورحب البلدان بالمصادقة الأخيرة على اتفاقية الشراكة في مجال الصيد المستدام بين الاتحاد الأوروبي والجمهورية الإسلامية الموريتانية والبروتوكول المطبق له، والذي سينظم العلاقات في مجال صيد الأسماك على مدى السنوات الخمس المقبلة.�وتكرس هذه الاتفاقية إطارًا يعود بالنفع المتبادل على الجانبين و يكرس مبدأ الاستدامة.�وتمثل موريتانيا وجهة هامة لأسطول الصيد الإسباني، وقد جددت إسبانيا التزامها بالمساهمة في تطوير واستدامة صناعة صيد الأسماك في موريتانيا وتعزيز أثرها الإيجابي على السكان.
- وقد نوهت موريتانيا بالتزام إسبانيا وريادتها من أجل ترقية الأجندة الأورو-متوسطية والاتحاد من أجل المتوسط. واتفق البلدان على ضرورة تعميق التعاون في المنطقة، وجددا رغبتهما في المشاركة بفعالية في المؤتمرات الوزارية المختلفة والمنتديات الإقليمية للخبراء والمبادرات الأخرى التي تم إطلاقها في إطار الاتحاد من أجل المتوسط لتعزيز التعاون الأورومتوسطي لا سيما في القطاعات ذات الأولوية مثل مكافحة كوفيد -19 والتشغيل والرقمنة والتعاون بين منظومات الحماية المدنية الوطنية والبيئة والعمل من أجل المناخ والمياه والطاقة والاقتصاد الأزرق أو النقل. وشكرت موريتانيا إسبانيا على مساعيها لدى الاتحاد الأوروبي في حماية المنطقة والدفاع عن مصالحها.
- وأكد البلدان التزامهما حيال منتدى الحوار 5+5 مع اعترافهما بأهميته كنواة مركزية للحوار السياسي في منطقة غربي المتوسط. كما اتفق الطرفان على العمل سويا من أجل الدفع به في سياق ما بعد الجائحة، بوصفه آلية قيّمة للتفكير المشترك في الإطار الإقليمي.
- و استعرض الجانبان أوضاع المنطقة المغاربية وأعربا عن قلقهما حيال أي تصعيد محتمل. ويرى الطرفان ضرورة تحقيق مزيد من الاندماج الإقليمي في المنطقة وهو ما يتطلب منهما مزيدا من الجهود المشتركة من أجل دفع العمل.
- يسجل البلدان مدى التطابق الذي تتسم به مواقفهما بخصوص التحديات التي تواجه منطقة الساحل، بوصفها تشكل رهانا كبيرا بالنسبة إليهما. واتفقا على القيام بمزيد من الجهود من أجل التشاور في هذا الفضاء. وتقدر إسبانيا الجهود التي تقوم بها موريتانيا لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتعيد تأكيد التزامها بمختلف المبادرات متعددة الأطراف لصالح دول مجموعة الساحل الخمس. وتقود إسبانيا المشروع الأوروبي GAR-SI Sahel لتدريب قوات الدرك في دول الساحل الخمس G-5 والسنغال وتشارك في بعثات الاتحاد الأوروبي المختلفة في المنطقة. كما تتولى رئاسة الجمعية العامة لتحالف الساحل إلى غاية يونيو 2022، وقد حددت كأولويات: تعزيز ثنائية التنمية والأمن، حضور مرافق الدولة في كل المناطق وأجندة “المرأة والسلم والأمن” والتعليم والحكامة الرشيدة. ويأمل الجانبان في إمكانية انعقاد مؤتمر قمة دول الساحل الخمس G5 كما هو مقرر بالتزامن مع اجتماع الجمعية العامة لتحالف الساحل.
- وبخصوص مالي، أعرب البلدان عن قلقهما إزاء تدهور الوضع الأمني وانعكاساته على استقرار المنطقة، واتفقا على ضرورة دعم مالي في محاربة الإرهاب. وقد أكد البلدان التزامهما حيال استقرار مالي وتحقيق تنمية مستدامة فيها. وشددا على أهمية احترام الحكومة الانتقالية لالتزاماتها وتقديم جدول زمني لتنظيم الانتخابات العامة من أجل استعادة النظام الدستوري في البلاد.
- وشكر الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إسبانيا على دعوتها الكريمة، واتفق الطرفان على الحفاظ على الاتصالات الثنائية وتعميقها في جميع المجالات التي تهم البلدين. كما وجه دعوة إلى كل من جلالة الملك فيليبي السادس ومعالي رئيس الحكومة بيدرو سانشيث لزيارة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وقد قبلت الدعوتان بكل سرور على أن يتم تحديد موعديهما عبر القنوات الدبلوماسية.
مدريد في ١٩- مارس- ٢٠٢٢