أعطى الرئيسان الموريتاني محمد الشيخ الغزواني، والسنغالي مكي صال، أمس الثلاثاء في مدينة روصو جنوب موريتانيا، شارة لانطلاقة أشغال تشييد جسر “الأخوة” الذي سيربط ضفتي نهر السنغال بين موريتانيا والسنغال، ويسهل عمليات عبور الأشخاص والممتلكات.
ويمتد هذا الجسر على مسافة 1.4 كيلومتر، وسيختصر هذا الجسر الفترة الزمنية للرحلة البرية بين نواكشوط ودكار بساعتين، كما سيحل محل خدمات العبارات، التي تربط حالياً ضفتي نهر السنغال، والتي تعدّ سبباً في إبطاء حركة الأشخاص والبضائع، وفي ارتفاع تكاليف المعاملات التي تعيق التجارة الوطنية والإقليمية.
ويبلغ طول هذا الجسر الذي يقدر عمره بـ 100 عام، 1461 متراً وعرضه 14.55 متراً، مع ملحقات تشمل تعبيد 8 كيلومترات من الطرق المؤدية إليه.
وبمجرد اكتمال أشغال الجسر، سيرتفع متوسط حركة المرور اليومية من 115 مركبة إلى 370 عند تشغيله، ثم إلى 3210 بحلول عام 2048، وستوفر المركبات ساعتين من رحلتها من نواكشوط إلى دكار، الطريق الذي يبلغ طوله 550 كيلومتراً.
وتصل الكلفة الإجمالية لمشروع الجسر بمكوناته المختلفة مبلغ 87.63 مليون يورو، بتمويل مشترك بين حكومتي موريتانيا والسنغال وكل من البنك الإفريقي للتنمية، والاتحاد الأوروبي، والبنك الأوروبي للاستثمار.
وقد ظلت معدّيات روصو الوسيلة الوحيدة للعبور بين موريتانيا والسنغال من جهة، وبين أوروبا والمغرب العربي وإفريقيا الغربية من جهة أخرى، وقد لعبت دوراً حيوياً خلال العقود الماضية، إلا أنه مع الطلب المتزايد للنقل على المحور الرابط بين أوروبا وإفريقيا مروراً بموريتانيا والسنغال، أصبحت هذه المنشأة لا تتناسب مع النمو المتسارع للنقل على هذا المحور، فقررت الحكومتان الموريتانية والسنغالية بناء جسر على نهر السنغال، استجابة لهذا النمو المتسارع، وتشجيعاً للاندماج الإقليمي وتعزيزاً لأواصر الأخوة.
وأكدت البنك الإفريقي للتنمية في معلومات قدمها خلال حفل انطلاقة الأشغال حول مشروع الجسر “أن لإقامته انعكاسات إيجابية، في مقدمتها المساهمة في حرية تنقل المسافرين والبضائع بين ضفتي نهر السنغال، وتنمية أنشطة النقل على طول محور طنجة لاغوس، ومحور الجزائر داكار، كما ينتظر أن يسهم المشروع في خفض تكلفة النقل”.
وبدأ التفكير في إقامة جسر على نهر السنغال مطلع ستينيات القرن الماضي بعد حصول موريتانيا والسنغال على استقلالهما، وانطلق التحضير الفني له عام 2006 دون أن يبدأ إنجاز المشروع بشكل فعلي.
وحصلت موريتانيا عبر اتفاقية قرض أمضتها في مارس الماضي مع البنك الإفريقي للتنمية، على تمويل لتغطية حصتها في تمويل بناء مشروع “جسر روصو”، بقيمة 12 مليار أوقية موريتانية.
ويشكل بناء الجسر حلماً ظل يراود ساكنة المنطقة طيلة عقود، وتمت تعبئة كلفته بتمويل مشترك بين الصندوق الإفريقي للتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مساهمات البلدين المعنيين مباشرة بالمشروع، وهما السنغال وموريتانيا.
وأكدت دراسة الجدوى الاقتصادية التي قُدم ملخص عنها في حفل انطلاقة الأشغال أمس، أن الجسر ضرورة تنموية ملحّة بعد أن أظهرت الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية كافة جدواه الكبيرة، وذلك لمواكبة النمو الذي تشهده منطقة المشروع أولاً، ولدفع التطور السريع للحركة التجارية بين موريتانيا والسنغال من جهة وتسريع أنشطة التبادل بين دول منطقتي شمال وغرب إفريقيا من جهة أخرى.
وينتظر أن ينشط هذا الجسر ويسهل خدمة عبور النهر على مدى 24 ساعة، وهو ما سيحسن خدمات مرور الأشخاص والبضائع، وسيمكن من خفض ملموس لكلفة العبور ويحسن من انسيابيته.
وتولي كل من الجزائر والمملكة المغربية اهتماماً كبيراً لإقامة هذا الجسر ضمن السعي لإكمال طريق طنجة- نواكشوط- دكار، الذي يعدّ منفذاً تجارياً حيوياً بين شمال القارة وغربها