اليوم العالمى للشاى… ثلاث كؤوس وثلاث جيمات…عند الشناقطة

عشق الموريتانيون الشاي منذ القدم، وتفننوا في وسائل تحضيره، وكتبوا أشعارا تصف جلساته، حتى قيل إنه كان من الأجدر بالشاي أن يظهر في موريتانيا لا في الصين.
الشاي في موريتانيا يرمز إلى كرم الضيافة، وهو أول ما يقدم إلى الضيف عند وصوله، ويسمونه في اللهجة المحلية “اتاي”.
يوصف “الشاي” بأنه صديق سكان هذا البلد الصحراوي إذ يحرص الشناقطة على اصطحابه معهم أينما كانوا داخل بلدهم أو خارجه.
ولعشقهم له، يتفنن الموريتانيون في طريقة تحضير الشاي، ويولون ذلك أهمية خاصة.
تبدأ العملية بإحضار الإبريق والكؤوس وصحونا أخرى يتم من خلال بعضها توزيع الكؤوس على الحضور، ثم يتم خلط كمية من الشاي (الوركه) وكمية من الماء.
ويترك هذا المخلوط ليغلي على النار لمدة دقائق، وبعدها تضاف إليه كمية من السكر والنعناع، ويتم تدويره بين الكؤوس مرات عديدة، وبظهور رغوة داخل الكؤوس تكون العملية قد تمت.
بعدها، يتم توزيع كؤوس الشاي على الحضور، ومن عادات الموريتانيين أن يتم في البداية توزيع الكؤوس على الرجال الأكبر سنا، ثم بقية الحضور من الشباب والنساء.
لا يطيب للشناقطة شرب الشاي إلا مع الأحبة وفي جماعة تتشكل حول الشخص الذي يتولى إعداد الشاي، ولهم طقوس خاصة تتعلق بإعداد هذا المشروب.
وللاستمتاع بشرب الشاي لا بد من تطبيق قاعدة “الجيمات” الثلاثة، وهي عبارة عن شروط ثلاثة يجب أن تتوفر للحصول على جلسة شاي ممتعة.
القاعدة الأولى هي أن يكون في جماعة، ويفضل أن تكون من الأصدقاء المقربين، ثم القاعدة الثانية، وهي “الجر”، وتعني طول التحضير، وألا يتم الإسراع في توزيع كؤوس الشاي، أما القاعدة الأخيرة فهي أن يستخدم الجمر لعملية التحضير.
على مدار حقب طويلة تغزل الكثير من الشعراء الموريتانيين بالشاي، وخصصوا له قصائد طويلة، ومنها قصيدة الشاعر الشيخ سيدي، ويقول فيها:
يُقيمُ لنا مولايُ والليلُ مقمرٌ… وأضواءُ مِصباح الزجاجة تُزْهِرُ
وقد نسَمَت ريحُ الشمال على الرُّبى… نسيما بأذيال الدجى يتعَثرُ
كؤوسًا من الشاي الشهيِّ شهيةً… يطيب بها ليل التمام فيقصُرُ
كما كتب الشاعر الموريتاني أبو مدين الديماني في الشاي شعرا، منه:
ألا فاسقني كاساتِ شايٍ ولا تَذَرْ
بساحَتِها مَنْ لا يُعِينُ علَى السَّمَرْ
فوقْتُ شَرابِ الشَّايِ وقْتُ مَسَرَّةٍ
زُولُ به عن قلْبِ شاربِه الكَدَرْ
ومن بين من كتبوا شعرا في الشاي أيضا الشاعرُ الأديب محمد ولد أحمد يوره:
أتايُنا منْه فمُّ المَرْءِ يَحْتَرِقُ
قد طابَ سُكَّرُهُ والمَاءُ والورَقُ
باتَ المُبارَكُ يَسْقِينَا علَى مَهَلٍ
واللَّهْوُ مُجْتَمِعٌ والهَّمُّ مُفْتَرَقُ
خِلْتُ الجُمَانَ عَلَى جِبَاهِ فتْيَتَنَا
كلٌّ تَحَدَّرَ منْ جَبِينُهُ العَرَقُ

شارك هذه المادة