بدعوة من شباب ميثاق الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لـ”لحراطين” شاركتُ هذا المساء في أحد الاجتماعات التحسيسة المحضرة للمسيرة السنوية للميثاق، والمقرر أن تنطلق يوم الخميس القادم، من كرفور مدريد، بعد صلاة العشاء، باتجاه ساحة جامع ابن عباس..
في انتظار اكتمال المعنيين بعملية التعبئة للمسيرة، خُضنا في السياسة، كنتُ مشاغباً كالعادة، مع أنه أول اجتماع يجمعني بالرئيس الجديد للميثاق، المناضل يربَ ولد نافع، الذي بدا جاداً، إلى ابعد الحدود، وحتى قبل بداية الاجتماع.
في خضمّ النقاشات الجانبية، تطرقنا للصحافة، وتحديداً لمقابلة الرئيس العيد مع منصة “الصحراء بليس” التي أعرب فيها عن نيته الترشح للرئاسيات القادمة، وقلتُ للنائب العيد: لن ندعمك في الرئاسيات القادمة، لأنّ موريتانيا بحاجة لمأمورية ثانية برئاسة ولد الغزواني..، وتدخل أغلب الحاضرين ما بين مؤيد لفكرتي ومستعجل “لحراطين لاحكهم يوصلو للرئاسة” يقول أحد الشباب، ويقاطعه آخر” عبد الله يحدثكم عن بصيرة، خذوا منه تعهداً بدعم مرشح لحراطين بعد المأمورية الثانية لولد الغزواني” وتدخل آخر ليقول إنها ثالثُ انتخابات رئاسية توالياً يصل فيها حرطاني إلى الرتبة الثانية” ويقصد مسعود، ثم بيرام مرّتين، قلتُ “إنه ما لم يصل حرطاني إلى الشوط الثاني في الرئاسيات تبقى الرتبة نسبية لأن الفارق كبير” وخلصتُ إلى أن “مأمورية ثانية لولد الغزواني ستكون كفيلة بتهيئة الأجواء وتنقيتها، وإقامة دولة مؤسسات..”
أنقطع النقاش لبرهة، مع وصول الزميل وديعه، وكان وصوله مناسبة ليقول لي الرئيس العيد: ها قد وصل بيظاني آخر معك يا عبد الله، كان لابد أن أقول: إن الزميل وديعه ليس بيظانياً ولا حتى حرطانياً وإنما يُمثل شريحة “لكور” في الاجتماع.
لم يسكت الزميل وديعه طبعاً، ويبدو أنه يُحظى بشعبية كبيرة في الاجتماع، لكنه لم يُلحق بي أضراراً كبيرة، حيثُ ناصرني الشباب، وبين الفينة والأخرى يبتسم الرئيس يربَ، وكأنه يريد فضّ النزاع الأخوي، وبدء العمل.
حضر الاجتماع شبّانٌ نشطون وناشطون من المعارضة والموالاة، إلى جانب بعض قادة الميثاق، وكان الخطاب هو ذاته الذي دعمْنا الميثاق، غداةَ تأسيسه، للسعي من أجل تجسيده: “ترسيخ موريتانيا واحدة موحدة ومتصالحة مع ذاتها”.
كان التحدى الأكبر أمام قادة لجان التحسيس هو كون مسيرة الميثاق هذا العام تنطلق الساعة التاسعة ليلاً، بيْدَ أنَ الخبرة التي اكتسبها الشباب تأوي إلى ركن شديد من التنظيم، ومن الوعي الوطني، ونبذ الفوضى وبُعد النظر.. يقول أحدهم “ما المانع من أن نوجه الدعوة للرئيس ولد الغزواني للمشاركة معنا في المسيرة إذا كنا سنوجه الدعوة للقادة السياسيين في البلد؟.. الميثاق طرحٌ وطني يجمع الموالاة والمعارضة”.
يقول آخر” صحيح، إذا كان ولد داداه وبيرام وولد مولود وولد حننَ وغيرهم سيلبون دعوة الميثاق للخروج في مسيرة أهدافُها وطنية، فلماذا لا ندعوا ولد الغزواني ووزراءه وحزبه؟”.
نضجَ الخطابُ كثيراً، ليس لأن الميثاقَ هو أول تشكيل بقيادة لحراطين يشهد تناوباً ديمقراطياً على مستوى الرئاسة فحسب، بل لأن الرؤية جامعة أكثر من أي وقت مضى، ولأن رسالة الميثاق تُخاطب الجميع، حكومة وشعباً..
صار النداء واضحاً أيضاً، ولسانُ كل الذين تعاقبوا على منبر الاجتماع يقول، بالمختصر المفيد: حيّ على العدل، حيّ على المساواة.. الوحدة خيرٌ من التفرقة..
بينما نحن بصدد التقاط صورة جماعية، قام أحد الشباب بإزاحة المائدة والأشربة وكأنها رمز من رموز الإمبريالية والإقطاع.. عتبتُ عليه كثيراً قائلاً: تنشرون صور اجتماعات البيظان مع الولائم والموائد وتزيحونها من صور اجتماعاتكم.. فردّ قائلاً: هذه ليست موائد دسمة مثل موائدكم..