شهدت ساحاتنا “الافتراضية” في الايام الماضية ألوانا من الشحن الطائفي البغيض تحركه على مايبدو أصابع خفية تقاسم أصحابها الأدوار و”المواقع” في مشاهدتمثيلية مخجلة، فمنهم من ألقي شباكه للتصيد في “المياه العكرة”، ومنهم من وضع “سبابته” على الزناد -كماوضع لسانه على الغارب-أستعدادا لإخراج
طلقات لم يحن وقت توقيتها ، وبعضهم أطلق لسانه البذيء بالتهجم الفاضح على هذا المكون أوذاك ،وهذه العائلة،أوتلك، كأننا في بلد يرادله أن يتحول إلى فسيفساء تطبعها الالوان الشكلية ،وتتوزع فيها السخائم والشتائم بسبب وبلاسبب يتحدث كل طرف عن مافي “مخيلته”،ولايطرب إلالصوته وإيقاعه ولاينظرإلا بنظاراته التي لاتحدد إلا زاوية رؤيته الأحادية!!!
وأودهنا أن أنبه العقلاء منا إلى أمورجوهرية منها:
أولا :أن زرع الالغام لتفكيك النسيج الاجتماعي وتفجيره لن يخدم أية قضية عادلة “مزعومة” بل سيكتوي بنارها بعد أن يشرق بدخانها أول من أثارها وجمع حشيشها وحطبها…
ثانيا :إننا في دولة يحكمها القانون(رغم مآخذنا على كثيرمن ممارسات السلطة التنفيذيةله) ولا محيص عن تطبيق العدالة ،يجب أن يكون الشرع حكما في قضايا التشاجر والتلاسن والتلاحي وعلينا جميعا أن نتحاكم إلى ذلك،ولولا وجود نظام سياسي جامع لما عبربعضنا عن مواقفه بشكل قدلا يتفق مع نص القانون ولامع روحه في الساحات وفي قبة البرلمان وفي دوائر سياسية وحقوقية دون حظر أوتضييق، وماكان لكثيرمنها أن يمرر إلاوفق ضوابط الشرع ومساطرالقانون!!!
ثالثا:إن المرجعية الإسلامية التي تجمعنا جميعا ترفض مبدأ الانتقام من بعض الجماعات إرضاء لأخري ولاتقبل أن تجرد أي فئة أوجماعة من قيمها المعنوية والرمزية استجابة لرغبات أوردات أفعال متشنجة ،بل إنها تتيح الفرص أمام جميع الأفراد والجماعات كي تتربي و تترقي وترتفع مكانتها حسب قدرتها على تغيير واقعها إلى أحسن ولايقبل أن يأتي،ذلك الأمر بالانتقام بل تتاح أمامه وسائل التغيير الإيجابية بمافيها ترشيد النضال السلمي القانوني الهادئ وبث روح التسامح والتآخي وإصلاح التربية والقضاء وممارسة الحكامة الرشيدة. .
رابعا:نحن نعيش لحظة تاريخية فارقة تحتم على مؤسسات الدولة أن تمارس دورها الكامل وذلك بتفعيل أجهزتها القضائية والتنفيذية وأن تتحمل مسؤوليتها الشرعية والقانونية والأخلاقية في سدالفراغ المجتمعي وذلك بتحجيم نزعات التطرف والانتقام والنزق والمغامرة غيرالمحسوبة بشكل حازم وحاسم ، وبنفس القوة والصرامة عليها أن تعالج كل مظاهر الغبن والاقصاء باجتثاث أسبابها و خلفياتها الموضوعية ومعالجة تداعياتها ومضاعفا تها بأساليب واقعية ومرنة وصارمة تنطلق من رؤية استراتيجية استشرافية بعيدة كل البعدعن ردودالأفعال .
خامسا: أصبح من الملح أكثر من ذي قبل أن يجرم ويقاضي كل من يتجرأعلى التشهير أوالقدح في حق أي مكون موريتاني ،وأن تعالج كل مظاهر الخلاف بالطرق القانونية والشرعية المتحضرة ، وأ ن ننظرإلى كل أمورناوقضايانا ومشكلاتنا بعينين مبصرتين لابعين واحدة حولاء وأن نحترم جميع المكونات المحترمةلاأن نقبل استهدف طائفة معينة تحاول فرض آراء متطرفة بحجة ارتفاع الظواهرالصوتية للمتاجرين بها…
سادسا :لقد آن الأوان أن يدرك ولاة أمورنا أن وضع أسس الانسجام الاجتماعي تتطلب بناء مشروع مجتمعي يعتمد على تعليم نوعي فعال قادرعلى توحيد رؤي المجتمع وبناء منظومته السلوكية والاخلاقية ، ونظام قضائي مستقل و عادل يساوي بين المتقاضين ،وحكامة رشيدة تتيح تكافؤ جميع الفرص والحظوظ وتنطلق من مبادئ المواطنة الحقة..
لقدآن الأوان حقا أن يكف السياسيون المحتر فون عن الرياء و النفاق والمجاملات التمثيلية الزائفة والتباكي بدموع تما سيح أغراها الجدول فاختارته وقد فاتها تدفق النهرالصافي وبقيت سجينة محبسها في الماء الملوث برجيعها ورجيع الضفادع التي انطلقت صيحات استغاثتها ،إنه نقيق يرتفع كلما جفت أجزاء الجدول الناضب ،كلما ابتعدالنهر وحل محله السراب .
كامل الوحدة والتضامن والمودة….
محمد محمد سدينا ود