مما يندى له الجبين ارتفاع مستوى الشحن العرقي، إلى حد جعل بعضنا يفكر بنظرية المؤامرة ويصدق كل ما ينشر في الفيس عن الموضوع الشرائحي، دون أدنى تثبت أو تحقق، حتى لو كان ذلك في كلام موثق بالصوت والصورة متداول في الفيس بوك والواتساب؛ فلا يكلف نفسه الرجوع إليه ولا التحقق منه، بل يكتفي بأن المدون الفلاني قال كذا، متغافلا عن قول الله تعلى: (يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) وفي قراءة: (فتثبتوا)
وقوله صلى الله عليه وسلم: “كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع”.
لقد قرأت تدوينات وبيانات عديدة تتهم الشيخ الشريف الزاهد محمد الزين بن القاسم بالدعوة لجمع المعلمين وتحريقهم، وتقليل عددهم… وهي تهم كاذبة ما أنزل الله بها من سلطان… وأنا أعرف أن بعض أهل الفيس يتبعون كل ناعق، ويصدقون كل مدون، ويعتبرون ما ينشر في هذا الفضاء حقا كله… لكن الذي ساءني وأحزنني صدور هذه الاتهام من مفكر وعالم وداعية وسياسي بحجم الأستاذ محمد جميل منصور الذي كتب في تعليق على ما ذكره بعض الإخوة من حكاية مماثلة مازحه بها الإمام بداه بن البصيري: “ممازحة بداه مع الشخص المعني في نفسه شيء، وممازحة غيره مع غيرهما على نحو فيه الجمع والحرق شيء آخر” لا حول ولا قوة إلا بالله يا أستاذ محمد جميل!
ما ذا قال الشريف محمد الزين ؟ إن الكلام موثق بالفيديو وفيه يقول محمد الزين للفخامة: “زايرينكم عن أهل الشيخ (سيديا) يزهدوا في المعلمين ويگلوا عليهم” فقال له الفخامة مبتسما: “ما نصيبوا عنهم” فأجاب محمد الزين: “ذ من الكثرة لآش ؟ ألا اندورهم يزهدوا فيهم ويگلوا عليهم” فأجابه الفخامة: “ذ ال معانا منهم كامل مجازي وصالحين” فقال محمد الزين وهو يغالب الضحك للتنبيه على أن هذه مجرد مزحة: “الى عادوا مجازيين ش غادي لي فيهم ؟ الفخامة أنت أمالك ؟ هي ألا زيارتي أنا ماهي مبرمجة” فقال له الفخامة: “هون وحدين منهم يصنتوا لكم” فقال محمد الزين: “ش غادي لي فيهم ؟”.
بالله عليكم أين الجمع والتحريق في كلام محمد الزين حفظه الله ؟
أعرف أن أخانا الأستاذ جميل منصور حفظه الله لم يقصد الافتراء على الشريف، ولكنه قرأ تغريدة لمدون كذاب لا يبالي بما يقول فانطبع في ذهنه صدقها دون أدنى تثبت، كما يقع لغيره كثيرا… وها هنا مربط الفرس كما يقال. لقد صار العالم الافتراضي يتحكم في تفكير كثير منا للأسف، فتجد الناس يقلدون رواد هذا الفضاء من مروجي الفتنة والطائفية ويصدقونهم في كل ما يقولون.
إن السياق واضح في أن كلام محمد الزين مجرد ممازحة، بعد ما قدم على أهل الشيخ سيديا للتعزية ووجد معهم عددا من أبناء هذه الطائفة الكريمة وهم كما قال الشيخ محمد فاضل: “أصحاب الاجواد” فمازح الشيخ الفخامة ونبهه في آخر كلامه على أنها مجرد مزحة: “انا الى عادوا مجازيين ش غادي لي فيهم؟ الفخامة انت امالك ؟ هي ألا زيارتي أنا ماهي مبرمجة” ولا يختلف هذا عن كلام الشيخ بداه ففيه ممازحة للفخامة وللحاضرين من أبناء المجموعة معه.
طيب معنى هذه الكلمات بالفصحى: “أرجو أن يزهد أهل الشيخ سيديا في المعلمين، وأن تقل صلتهم بهم” فأي إساءة في هذا خاصة وأنه خارج مخرج المزح وتأكيد المدح ؟ وهل يتهم الشريف محمد الزين بالعنصرية وهو المعروف بالابتعاد عنها ؟ وهو الرجل الذي يعيش في كنفه عشرات من مختلف الطبقات، ويتخرج من محضرته العشرات من مختلف ابناء الطبقات كل عام ؟وهي خصيصى امتازت بها محضرته عن معظم محاضر منطقته! قليل من الإنصاف والتثبت يرحمكم الله!
جعل الأخ محمد جميل ممازحة الشيخ بداه له مختلفة عن ممازحة محمد الزين: “ممازحة الشيخ بداه للشخص المعني في نفسه تختلف عن ممازحة غيره مع غيره في شأن غيرهما بما فيه الجمع والحرق” يا أسفاه !
إن ممازحة الشيخ بداه لحضرتكم أستاذنا الكريم لا تختلف عن ممازحة الشيخ محمد الزين بل هي أشد منها بكثير فقد قال لكم: “گدكم من العرب
ما مطروح عليه عار الصلاة” والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فهذه ممازحة لكم بما يعم كل من هو في سنكم من أبناء تلك الطبقة النبيلة الكريمة. لكن الإمام بداه مازحكم في زمن غير زمن الشحن العنصري البغيض!
لقد أوضحت سابقا أنه لا ذكر للجمع والحرق في كلام الشريف وإنما هو كلام روج له بعض أعدائه فتلقفه أهل الفيس وتداولوه…
هذا الكلام الذي صدر عن محمد الزين يذكرني بقول الشاعر الحساني في محبوبته:
جحدت إلين فترت @ نعرف عني عزت @
ذي المري “وازهدت” @ فيها يگطع بيها
ومگلل فيها عدت @ وعدت مشلل فيها
يغير الناس تبان @ ما يدرگ ش فيها
…
غير مع ذيك الحال @ حد مرة يبغيها
يسوى گد أل گال @ لحد أوخر فيها
فأن تزهد في فلان أو تقلل الصلة به فهذا أمر بعيد من الجمع والحرق وتقليل العدد ونحوها من ألفاظ وردت في بيانات هؤلاء الإخوة فضلا عن سياق الكلام ومخرجه الواضح…
ولنعكس القضية فنطالب المعلمين بالزهد في أهل الشبخ سيديا، فهل سيتعبرون ذلك قدحا فيهم ؟
قبل يومين اطلعت على بيان باسم بعض الأئمة من شريحة واحدة ينتقد تصريح محمد الزين وينسب له بعض ما لم يقل وعجبت لهؤلاء كيف نسبوا للرجل ما لم يقل ؟ وكيف لم يسألوا من يعرف طيب نيته ونصرته لسائر الضعفاء ؟ فليتهم سألوا أخانا العالم الطينب محمد المصطفى بن محمد الزين بن مخيطير، أو أبناء شيخنا محمد المختار بن مولود أو غيرهم ممن يعرفه حق معرفته.
إن للشيخ محمد الزين حفظه الله الحق في مقاضاة كل من أساء إليه ونسب إليه ما لم يقل، ومرافعتهم بتهمة القذف والتشهير.
لقد أمرنا بإقالة العثرات من ذوي الهيئات كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، وعمل العلماء بذلك حتى في أمور تتعلق بالمعتقد كضرب المثل بالأنبياء، لما يعلم من حسن القصد، فكيف بما ليس صريحا في القدح ولا ظاهرا فيه ؟
لقد صار كثير منا بسبب الشحن العنصري للأسف في حكم المعقد يفكر بنظرية المؤامرة ويحسب كل صيحة عليه، ويتحسس من كل كلام يتعلق بالموضوع الشرائحي على خلاف وصية الحاج بن الكتاب:
ولا ادير فراصك الاعظام @ ولا تحوز أعظام الردمَه
ولا توجّه شورك الكلام @ كان گمن حد بكلمة