مورستانيا:حكومةمابعدالانتخابات…تغييرجزئي أم مسح للطاولة

تشرئب أعناق الموريتانيين يوم الإثنين أو الثلاثاء على أبعد تقدير، للإعلان عن تشكيل حكومة ما بعد انتخابات مايو، التي حالت أسفار الرئيس الغزواني والانشغال بموسم الحج وعطلة العيد المطولة، دون تسميتها.
ويأتي هذا التوقع في ظرف تمر فيه موريتانيا بتوتر ناجم عن الانتخابات الأخيرة التي أسفرت عن أزمة سياسية بسبب ما اعتبرته المعارضة وحتى أطراف في الموالاة، تزويرا شاملا أدى لهيمنة نظام الرئيس الغزواني التامة على البرلمان وعلى مجالس الجهات والبلديات، ولإخراج أحزاب المعارضة التقليدية من البرلمان، بل واحتمال حل بعضها لعدم حصوله على الحد الأدنى المشترط قانونا لبقاء الترخيص.
ولا يتوقع غالبية المراقبين والمحللين حدوث تغييرات كبيرة في التشكيلة الحالية لسبب رئيسي هو كره الرئيس الغزواني لإقالة الأشخاص من المناصب، وبسبب ما يعتبره البعض “ضعفا في اختيار المسؤولين أظهرته تعيينات الغزواني كلها منذ وصوله للسلطة عام 2019”.
ويتساءل المحللون عن منصب الوزير الأول، فهل سيسندها “لبلال” أم آخر بديل عنه من نفس المنطقة
وفي توضيحات لـ”القدس العربي”، أكد الدكتور ديدي السالك، رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية “أنه ليس هناك أمل في تشكيل حكومة صالحة لقيادة العمل، حيث إن السنوات التي مضت على حكم الرئيس الغزواني تميزت، حسب قوله، بتدوير ما يسمى “رموز المفسدين في موريتانيا” من حكومات ولد الطايع وحكومات ولد عبد العزيز، وبالتالي فالأجهزة الإدارية باقية على حالها بأشخاصها وبأساليبها وأدواتها، والنمط نفسه باق لا تغيير فيه”.
ويضيف: “منذ أن دخلت موريتانيا التجربة الديموقراطية عام 1991 والأمر على حاله، قائم على الولاء المطلق للحاكم من أجل مصالح فردية، والحكومات لا يطلب منها تحقيق إنجازات وإنما مهمتها الأساسية هي إدارة الفساد، وإبقاء الأوضاع السيئة على حالها؛ وبالتالي فالرئيس الغزواني يسير على نفس النهج بنفس الأشخاص ونفس الأدوات، والفساد يواصل صعوده وانتشاره، ولا يرجى من كل هذا أية نتيجة، فالتحديات على حالها والخدمات متعطلة في التعليم والصحة وغيرها، والانفلات الأمني، خارج السيطرة والخطاب الشرائحي خارج السيطرة”.
وقال: “الذي يغير الأوضاع في موريتانيا هو تجديد الأساليب والمناهج، وهو إرادة إصلاح وتدبير حقيقية للموارد البشرية وهو الاهتمام بعدالة ناجزة، وتحقيق دولة المواطنة”، مضيفا “أن موريتانيا تحتاج لحكومة حقيقية فهي تواجه كلما ذكرنا مع تحدي الهجرة والإرهاب في الساحل”.
وأكد ولد  السالك “أن السقوط سيكون مصير النظام الحالي ما دامت هذه هي أدواته، وهذا هو ضعف إنجازه وهذا عجزه عن الأداء”.
وفي تصريح آخر حول الحكومة المنتظرة، قال النائب البرلماني المعارض محمد الأمين سيدي مولود: “أنا لا أعلق أملا كبيرا على التعديل الحكومي المرتقب، وذلك لعدة أسباب أبرزها أن الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني لم يستطع الخروج من دائرة سلفه وحليفه السابق محمد ولد عبد العزيز، وإن خرج منها فإلى النظام الأسبق: فهو رهين حسابات قبلية وجهوية لا علاقة لها بالكفاءة، كما أنه رهينة علاقات شخصية أي لزملائه في الصغر وزملائه في المهنة ولذلك فأنا لا أعلق أي أمل على حكومته”.
وزاد: “تنضاف لهذا سلبية اختيارات الرئيس الغزواني في تعيين الحكومة، وأنا لا أتوقع أن يتغير جزء كبير من الحكومة الحالية، فلن يتجاوز التعديل ثلث الحكومة الحالية على أبعد تقدير، ولذا فأنا لا أرى أنه من الواقع تعليق أي أمل على النظام الحالي، فقد انتهت المأمورية الأولى دون إنجازات تذكر رغم مضاعفة الموازنات، ورغم الهدنة السياسية التي وجدها الغزواني ولم يستغلها مع الأسف”.
وتحت عنوان “الحكومة المرتقبة: المهمات والرهانات”، كتب الإعلامي محمد ولد عابدين “نتطلع إلى تشكيل حكومة قوية منسجمة ومتماسكة؛ قادرة على الإنجاز والعمل بروح الفريق، منطلقة من تشخيص دقيق للاختلالات البنيوية والمشاكل الجوهرية للبلد”.
ودعا الإعلامي البارز ماموني ولد مختار، الرئيس الغزواني في مقال عن التعديل الحكومي المرتقب للتخلص ممن أسماهم، “كلاب الحراسة”، قبل أن يتساءل قائلا: “هل ستتغير معالم النظام أم سيبقى الحال على ما كان عليه؟ وهو أمر لا تتمناه الغالبية العظمى من الشعب”.
 أما المحلل السياسي عبد الله العلي، فيرى باختصار “أن فترة ما بعد الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية، الأولى في عهد الرئيس، محمد ولد الشيخ الغزواني، ليست كما قبلها، فهي وإن كانت تمهيدا لتشكيل أغلبية جديدة اختير رجالاتها بناء على معايير قد لا تعلن ولا يتفق عليها، فهي أيضا ضربة للمعارضة التقليدية أظهرت حجم الشعبية والولاء قبل رئاسيات 2024، كما أنها في حد ذاتها درس لمن أراد استيعاب أن الولاءات والقواعد السياسية تتغير بتغير المصالح، وتتأثر بعوامل عديدة

شارك هذه المادة