القاضي محمد موسى بن أحْمَيَّدْ الموسوي اليعقوبي …

تبوأت أسرة آل ألفغ موسى مكانة عالية في شتى مجالات العلم والصلاح من لغة وأدب وفقه وإفتاء وقضاء، فكان أحدهم يكتب في الأحكام القضائية كتب القاضي فلان ابن القاضي فلان إلى سبعة قضاة من نفس الأسرة.
وفي ذلك يقول العلامة الصالح امحمد ولد أحمد يوره:
والموسويون الأولى قد فصلوا :: حكم القضاء بكل حكم فيصل .

ويقول المختار بن حامد في موسوعته: “أهل الفغ موسى بن يعقوب، وفي ولده -يعني ألفغ موسى- القضاء المتسلسل خلفا عن سلف”

كان المختار بن أشفغ موسى من المشتهرين بالعلم والاشتغال به والتضحية في سبيله وكان مثالاً في عصره للتضحية والبذل في سبيل العلم، وسافر الأسفار البعيدة في جمع الكتب وقد قال لأولاده لن تدركوا العلم حتى تفقدوا أظافركم في طلبه.
فلم يدركوا معنى ذلك حتى جاء الأمين العتروسي فنزل عليهم فكانوا يحملونه على أتان له ويقودونها به فتطأ أرجلهم فتسقط أظافرهم وصبروا على ذلك في طلب العلم، فكان هذا مصداقا لما أخبرهم به والدهم من أن طلب العلم لا يمكن أن يتم إلا بعد جهد وعناء .

ومن تلك الدوحة الموسوية ولد القاضي محمد موسى (مشان) ابن القاضي محمذن آب بن القاضي محمد (ابد) بن القاضي أحمد (أحْمَيَّدْ) بن الأمين بن المختار بن أشفغ موسى.
ولد محمد موسى حوالي 1284هـ من لأبوين موسويين هما محمذن آب بن محمد بن أحمد (احْمَيَّدْ )
وأمه هي السيدة الفاضلة صفية بنت محمد مختار (ابُّـوه) بن حبيب الله بن محمذن (آبَّ العَلَمْ) بن المختار بن أشفغ موسى .

نشأ محمد موسى وترعرع في بيت علم وقضاء فحفظ القرآن الكريم وبعض النصوص على يد والديه، فقد كان والده محمذن (آب) صاحب محظرة علمية مكنت ابنه محمد موسى من التضلع من معينها الفقهي والنحوي.
ترجم له المختار بن حامدن بما نصه:
«محمذ آب العالم الورع المدرس وابنه محمد موسى توفي سنة 1346هـ عن أولاده محمد عبد الله والمختار وسيد أحمد، العلماء القضاة من أعيان العصر».

أخذ محمد موسى عن عمه العلامة عبد الحي بن احْمَيَّد كما استفاد من أخواله العلماء الأجلاء أبناء (ابُّـوه) كأحمد ومحمذ آب (امَّـامَّ) ومحمد سالم وغيرهم .
ثم واصل السفر والترحال لطلب العلم حتى تضلع من علوم بلده على يد أجلاء عصره كالعلامة الشيخ عبد القادر بن محمد بن محمد سالم وشيوخ محظرة أهل سعيد (أولاد أشفغ حبيب الله).

ورفعت إلى شيخه عبد القادر نازلة فحكم فيها حكما اقتضى تحليف أحد خصميها فكلفه اليمين ليلا وأبرم الحكم على أساس ذلك فما كان من هذا الخصم إلا أن ذهب إلى محمد موسى عارضا عليه الحكم طالبا المساعدة فلما أمعن محمد موسى النظر في حيثيات الحكم أدرك أن اليمين التي بمقتضاها صدر الحكم تمت ليلا وهو أمر خاص بالمخدرة فبين للخصم وجه الخلل في الحكم قائلا له إن هذا الحكم صدر من شيخي وليس من الأدب عندي نقضه بصورة مباشرة ولكن دع الأمر حتى إذا كنت بمجلس الشيخ عندها فلتعرض علينا الحكم على سبيل الاستفتاء ففعل الخصمُ ما أمره به قائلا :
هل يجوز اليمين ليلا لغير المخدرة؟
فأجابه الشيخ عبد القادر بجواز ذلك فاستدرك محمد موسى قائلا :
لعلي اطلعت في “التبصرة” على عدم جواز تحليف غير المخدرة ليلا.
فرد عليه الشيخ قائلا لعلها تبصرة غير تبصرتنا.
فأكد محمد موسى وجود الحكم في نسخة التبصرة التي عند أشياخه فأمر الشيخ عبد القادر بإحضارها وبعد اطلاعه على صحة ما قال صدع الشيخ قائلا: صدقت صدقت صدقت يا محمد موسى…
وكان الشيخ عبد القادر جهوري الصوت أعطاه الله بسطة في العلم والجسم رحمه الله .

نصب محمد موسى للقضاء في “اترارزه” من طرف الأمير أحمد سالم ولد إبراهيم السالم وكانت بين الرجلين علاقة قوية متميزة فقد نزل الأمير ذات مرة بأحد الأحياء المجاورة لحي الموسويين فقدم القاضي محمد موسى للسلام عليه وبصحبته الشيخ محمد الأمين بن أبُّوه فقام إليه الأمير ليصافحه مستبشرا بقدومه وكان للأمير حرز يضعه في ساقه فرأى محمد موسى الحرز فأعرض عن مصافحة الأمير فاندهش الأمير قائلا: ما الأمر؟
فأجابه محمد موسى: لن أصافحك ما لم تغير وضع حرزك
فقال الأمير: لم أزل أضع هذا الحرز في هذا الموضع من زمن طويل وألقى أهل العلم ولم ينكر علي منهم أحد فقال له محمد موسى:
هؤلاء الذين ذكرت يرجحون هواك في الدنيا على مصلحتك في الآخرة، وأنا أرجح مصلحتك في الآخرة على هواك في الدنيا.
واردف قائلا: حرزك هذ لا يخلو من أمرين إما ان يكون مما يجب تعظيمه شرعا ولا يناسبه المحل الذي جعلته فيه، أو يكون غير ذلك فلا يجوز أصلا حمله. فتفهم الأمير الأمر واستجاب للنصيحة.

وفي منطقة “آدرار” نصب للقضاء من طرف الأمير المجاهد سيدي أحمد ولد أحمد ولد عَيْدّه وهذا نص تنصيبه من طرف الأمير:

“بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين
أما بعد فلقد أمرني الأمير أن أكتب أنه ولى محمد موسى بن أحْمَيَّدْ القضاء. لما ظهر له من الصواب في ذلك ولما في الموَلَّى من أهلية القضاء لما اجتمع فيه من شروطه «وأهل القضاء عدل ذكر فطن مجتهد إن وجد وإلا فأمثل مقلد» وهو من أمثل مقلد والسلام.

وكتب من أمِرَ لخمس عشرة ليلة خلت من ذي الحجة عام 1333 عبد ربه محمد المختار بن لحبيب بن عبد الحي أمنهم الله آمين”.

إلحـاق
“قال الأمير: الظاهر له من عموم كلام المولى عليهم طيب خواطرهم بذلك ، وإن محمد موسى من آذاه فقد آذى الأمير ولا يلومن إلا نفسه كاتب أعلاه مكرراً اسمه محمد المختار أمنه الله من النار .
وأمر بذلك لاِثْنين وعشرين خلت من ذي الحجة عام 1333 محمد المختار بن محمد سالم بن اندي”.

وعهِد أمير “آدرار” للموسويـين بما يلي :
بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمد خير الأنيم
هذا وإني أنا الكاتب أمرني الأمير سيد أحمد بن أحمد بن عَيْدَّ أن أكتب أن ما بين آبائه وأبناء موسى لا يتغير ولا ينسخ ومتى هزت الأحداث أغصانه رسخ ومعنيـون عنده بقول القائل:
ورثنا من الآباء حفظ ودادكم :: ونحن إذا متنا نورثه الأبنـا
فبسبب ذلك ما يسرهم يسره وما يؤذيهم يؤذيه ولاسيما من ينتسب منهم للعلم كمحمد موسى ومن في معناه منهم.
وكـتب من أمر غرة شعبان عـام 1339: محمد المختار بن محمد سالم ابن اندي .

ولم يكن دور محمد موسى محصورا في القضاء والتدريس بل كان ينصر المظلوم ويحمل الكل ويفدي الأسير ويبذل في ذلك المال التليد.
ومثل القاضي محمد موسى نموذجاً للعدالة والقضاء في بلاد “شنقيط”
فقد كتب العلامة الشيخ اباه بن عبدالله حفظه الله، في تقديمه لكتاب “خبر الموسويين”:
“وإن من أحق من يستحق أن تفرد ترجمته بالتأليف وينشر ما اشتملت عليه من تليدٍ وطريف شيخ الإسلام وعلم الأعلام المعروف بين الخاص والعام القاضي حين كان القضاء لا يقدم له إلا الأعلم الأورع مع كثرة العلم والورع في الزوايا في ذلك الوقت العلامة الشهير محمد موسى ابن أحْمَيَّدْ رحمه الله تعالى”

وشهد للقاضي محمد موسى بالعدل والفضل كثير العلماء الأجلاء والأمراء ممن عاصروه بشهادة وتبريز واعتماد، فقد كتب شيخ شيوخ البلاد يحظيه (ابَّـاهْ) بن عبد الودود رحمه الله (تـ: 1358هـ) :
“الحمد لله وحده ، صلى الله على من لا نبي بعده
أما بعد فكون آل المختار بن ألفغ موسى قضاة هذا الإقليم المسمى “بالـگبلَ” أي أرض تشمش و المغافرة أي بني أحمد بن دامان وغيرهم من الترارزه مشهور بلغ مبلغ التواتر فيشهد به الغائب والحاضر وخصوصا المعم المخول علامة زمانه ومحرر أوانه وفائق أقرانه محمد موسى
كتبه الشاهد يحظيه بن عبد الودود تيب عليهما”

وكتب القاضي عبد الرحمن بن المرابط محمذن فال بن متالي، رحم الله الجميع:
“بسـم الله الــرحمن الــــرحيم
ما رسم هؤلاء السادة في هذا السيد محمد موسى مُسلّم وأزيده أنه أخونا وابننا يسوؤنا ما يسوؤه ويسرنا ما يسره ومن أحسن إليه فقد أحسن إلينا ومن أساء إليه فقد أساء إلينا .

وكتب الشيخ باب بن الشيخ سيدي (تـ:1340 هـ)
ما كتب هؤلاء السادة في هذا الأمر صحيح مسلم كتبه سيديَّ بن سيد محمد بن سيديَّ غفر الله لهم وللمؤمنين آمين .

وكتب القاضي سيد محمد (الراجل) بن الداه بن داداه :
“ما كتب هؤلاء السادات في المحول من كثرة العلم والعلماء في أهل المختار بن ألفغ موسى وتسلسل القضاء فيهم خلفاً وسلفاً لا يصح فيه الإنكار لأنه أوضح من الشمس في رابعة النهار .
وحامل لواء ذلك في هذا الأوان وآباؤه في ماضي الزمان السيد الفاضل محمد موسى بن محمذ آب وقانا الله وإياه المكاره والبوسى وكتب سيد محمد بن الداه بن داداه غُفر لهم وللمسلمين .

وكتب لمرابط محمد سالم بن المختار بن ألـمَّا رحمه الله (تـ 1382 هـ)
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبيه وعبده .
أما بعد فإن جلالة آل ألفغ موسى أشهر من أن تذكر وأوفر من أن تحصر فهم شمس القضاء كاشفة دونها كل حاجب ولهم لواء العلم والفضل في المشارق والمغارب وقد حصل أخونا وسيدنا محمد موسى على الحظ الوافر من ذلك الشان حتى صار فيما ظهر لي هو فرسهم المضمَّر للرهان فقد مارسْتُه في فنون فإذا هو فيها ولله الحمد بحر لا تكدره الدلاء ويزيد على ذلك حفظه الله بطيب العنصر وسلامة الظاهر والباطن فأسأل الله أن يكلأنا وإياه بكلاءة تمنع من آفات الدنيا والآخرة بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكتب عبد ربه محمد سالم بن المختار بن ألـمَّـا”

وهذه تزكية محمد الأمين(ابَّيمينْ) بن عبد القادر بن محمد بن محمد سالم (تـ: 1376هـ)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، وصلى الله على من لا نبي بعده
وبعد فالذي أرانا الله ﴿وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين﴾ أن السيد الفاضل العادل محمد موسى كونه متبحراً أيَّ التبحر في العلوم كلها بالمشاهدة أوضح من أن يقام عليه الدليل لاشتهاره بذلك في كل الأقطار على توالي الأعصار ومتسلسل في القضاء فيما علمنا إلى عدة جدود من الآباء والأمهات وكيف لا يكون ذلك والله يستحي أن ينـزع الحكمة من موضع جعلها فيه ولو كنت أعلم أن ذلك يحتاج الإطناب فيه لأطنبت لما أعلمه من ذلك :
وما من كاتـب إلا سيفـنى :: ويُبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب يمينك غير شيء :: يسـرك في القـيامة أن تراه
كتبه محمد الأمين بن عبد القادر”

وكتب القاضي سيد محمد (اشريف) بن سيد أحمد بن الصبار المجلسي (تـ:1343هـ) :
“الحمد لله ، صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم .
أما بعد فإنّه كنار على لُبنان تبحرُ محمد موسى في العلوم بحيث لا يبارى ولا يجارى فيها وفي القضاء المتسلسل إلى نحو سبع جدود وقضاؤه المنصور في أهل الدولة الفرنسيسية والأمراء والزوايا و”الصنـﮕـات”
وكتب سيد محمد الشريف مريد القطب محمد عبد الحي أطـال الله حـياتهم”.

وكتب اليه العلامة محمد عبد الله بن الحسن بن أحمد محمود القناني بما نصه:
الحمد الله الذي جعل في الأقلام نيابة عن المشافهة بالكلام والصلاة والسلام على خير الأنام وعلى ءاله وصحبه الأعلام ما أثار دفين الشوق والغرام إلى لقيا حبيب شطت به حوادث الأيام .
وبعد فمن كاتبه إلى حبيبه المرسل إليه سلام أطيب من تبليغ السلام من الحبيب الشاسع في إذن المحب السامع .
موجبه أن تعلم أني معك على ما أنا عليه ولا أزال كذلك حتى يفر المرء من أخيه وأن تجتهد لي في الدعاء يا محمد موسى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما تعاقبت حركات العالم وسكناته كتبه محمد عبد الله بن أحمد محمود والحكاية كالملك وقد أنشدت فيكم
أنتم ملاذي وأنتم مشتكى حـزني :: وأنتــم في ظــلام الليل سماري
فإن تكلــمت لــم أنطق لغيركم :: و إن سكت فأنتم عند إضماري .

وقال الشيخ محمد المصطفى بن الشيخ محمد عبدالله بن تكرور في مدحه:
ياغاديا معملا في حاجة نوقا :: ترجو الندى ومن المكروه أن توقى
أو عزك الدَّين ثقلا أن تنوء به :: أو عزك اللفظ مفهوماً ومنطوقا
فليهنأنْك قضاء الحاج عن عجل :: ونمْ عن الدهر واشربها أفاويقا
وقل لعاديه غنوا ما بدا لكمُ :: العودَ والدفَّ والمزمار و البوقا
هذا محمد موسى الجود يسبقه :: لكنه ليس بالمعروف مسبوقا
الجود بحر وأنت اليوم مفلقه:: لا تعجبوا إن لموسى البحر مفلوقا

أخذ عن القاضي محمد موسى واستفاد منه جم غفير من العلماء والشيوخ الأجلاء فمنهم :
محمد يحيى بن محمد الأمين بن ابُّـوه
محمد الأمين (اشْبيهْ) بن محمد سالم بن ابُّـوه
محمد المصطفى بن الشيخ محمد عبد الله بن أحمد (تكرور)
محمدن بن محيي الدين بن ابُّوه
الشيخ الهادي بن سيدي مولود فال
الوالد ومحمد المامون ابني اتقانا بن الشيخ سعد بوه
محمد محمود بن عبد الرحمن
فتى بن سيد آمين بن الشيخ محمد المامي
محمد فاضل بن محمذ آب بن أحْمَيَّدْ
محمد المختار بن عبد الحي بن أحْمَيَّدْ
محمد مسعود بن أحمد (تكرور)
محمد محمود بن خالد
بالإضافة إلى أبنائه الأعلام سيد أحمد ومحمد عبد الله والمختار
وكانت أم أبنائه مريم بنت المختار بن اسحاق فريدة عصرها صلاحا وطبا وإحسانا وخلقا ورثت الطب عن أجدادها واشتغلت به حتى برعت فيه وكانت تطبب إحسانا وبرا لا تسببا وتكسبا وقد دفنت بجوار الشيخ سيد محمد الكنتي عند “فَصْكْ” .
وهي التي يعنيها الشيخ محمد عبد الله بن محمذ بن ادفال بقوله من قصيدة طويلة :
وتخلُفه إن غاب مريم في الذي :: يصان به عرض ولم تبد معصما
إذا ذكرت بالفضل ربة منْزل :: فكرر وقيتَ الذم مريم مريما

وكان القاضي محمد موسى ممدحا قال فيه امحمد ولد هدار:
السيادَ مذاله :: فيك الَّ فيك أحواله
منهُ ﮔـاع المَ ﮔـاله :: ماريناك امزديه
ما يفهمها محاله :: مضارعه ماضيه

تيرست افلـﮕر تيرسان :: تكفح واعل لحسان سان
جودك ماه ديْ إلْسان :: واحركاتك راضيهَ
ؤلا تفعل كون إلّي احسان :: والناس ابش ترضيه
واﮔـعدت اعل بنيخه :: يعقوب ذ ماضيه
انك ﮔمت أنت شيخه ::وأنت هو قاضيه.
وقال فيه أيضا:
هون ابهَمِّ من ﮔبل جيت :: فرﮔـان أهل اشفاغ موسان
واعرظل مافت اتنـﮕليت :: محمد موسان بلحسان
كافين من لحسان ألريت :: لحسان ؤمحمد موسان

توفي القاضي محمد موسى لرحمه الله، بنواحي مدينة أبي تلميت وأوصى عند وفاته بأن ينقل إلى جوار جده العلامة فحل تيرس الشيخ سيدي عبد الله بن الفاظل بن باركللَّ رحمه الله المتوفى حوالي سنة 1210 دفين مقبرة “أَﮔنَيْفِيدَاتْ” بمنطقة بوحجره شمال غرب أبي تلميت.

قال الشيخ فتى بن سيد آمين بن الشيخ محمد المـامي يرثي شيخه القاضي محمد موسى :
أمسى القضاء بحكم الحق مرموسا :: غداة رمس الفتى محمدٍ موسى
من كان يقطع في كل الأمور لنا :: ما ليس يقطعه سيف ولا موسى
أعدَّ مولاه في أعلى الجنان له :: ما ليس للناس محسوسا وملموسا

وكتب العلامة محمد يحيى بن ابُّوه في “رحلته الحجازية”:
لما توفى الفقيه العلامة شيخنا محمد موسى بن محمذن آب لست خلون من ذي الحجة عام ستة وأربعين وثلاثمائة وألف قلت:

نعِيُ فتى الفتيان قام بمرقب :: فضاق جميع السامعين به صدرا
ولو كان ينسينيه دمعي بكيته :: ولو كان دمعي في مآثره نزرا
ولكن ستبكيه المكارم جملة :: ويوقد في أحشائها كلها جمرا
فمن لليتامى والأرامل بعده :: وللمحصنات الغبر من لبني غبرا
ومن للتصانيف العزيزة جمعها :: وتحريرها إن عز تحريرها مجرى
ومن للقضايا المعييات وجوهها :: وصبر الأذايا ما تحملها الغبرا
فتى الخمس بل والعشر غير مدافع :: فتى الدهر بله العصر والصبح و الظهرا
فيا ناعيا هل لا ترى أن نعيت من :: كأنك إذ تنعيه تنعي الورى طرا
وما بعد خير المرسلين مصيبة :: ولا صحبه قتلى المعارك والأسرى
وفي الله رب العرش من كل هالك :: مضى خلَفٌ والشمس قد تُعقب البدرا
لعمرك ما الدنيا بدار كريمة :: لحر كريم الأصل ذي همة كبرى
لتغفر له وارحمه رب وعافه :: وأخلف لنا منه وأعظم لنا أجرا
وحقق رجانا في بنيه سعادة :: وإخوانه ما أعقبت غُمَّة بُشْرى
وزوجه في أعلى الجنان نواعماً :: خرائد لا يكفرن حبته كفرا
من الحور تاهت من رجاء لقائه :: وكن به من كل غانية أحرى
وألبسه فيها من مفاخر سندس :: وإستبرق في ظلها حللا خُضرا
جوار إمام المتقين محمد ::وأصحابه السباق في كل ما مجرى
عليهم صلاة الله بـدءا ومختما :: ويشفعها التسليم إما تكن وترا

كامل الود

سيدى محمد





شارك هذه المادة