أرجو أن لا نغامر كثيرا ونضفي على طالبان ما لم تضف على نفسها، ونعيد نفس أخطائنا مع داعش والقاعدة، فهذه حركات من صنع الإستخبارات الأمريكية وتعمل وفق أجندة أمريكية مرسومة بدقة ولأغراض بعضها معلن وأغلبها خفي، ومن السهل جدا تفكيكها إذا هي خرجت عن خط سيرها المحدد، والأمثلة في ذلك لا حصر لها، ولكم أن تتصوروا أن الإنسحاب الأمريكي جاء في ظل قيادة الملا عبد الغني برادر وهو عضو مؤسس لحركة طالبان من جيل الملا عمر 2001، وعند سقوط حكومة طالبان كان على رأس المطالبين بالاعتراف بحكومة حامد كرزاي والتعامل معها نظرا لمكانة كرزاي في مجتمع الباشتون، والأغرب أنه حين اعتقل بكراتشي سنة 2010 تم إطلاق سراحه بضغط أمريكي، ليتم تعيينه رئيسا للمكتب السياسي للحركة بعد أن اصبح مقيما بالدوحة، وليتولى قيادة المفاوضات مع الأمريكان التي ستنتهي بانسحابهم من افغانستان.
هذه الفطريات لا تملك مشاريع مجتمع ولا برامج حكامة، ولا تملك نخباً ولا مفكرين قادرين على وضع خطط أو سياسات من شأنها تطوير بلدانها أو تحقيق تنميتها وتقدمها.
وطالبان تحديدا هي مجرد صورة تعكس فئة الإنغلاق ومعاداة التطور من مجتمع الباشتون الذي تتداخل لديه عاداته وتقاليده مع الشرع ولا يرى بينهما فاصلا، ولديها عداء متأصل مع باقي مكونات المجتمع الأفغاني الأخرى كالطاجيك والهزارا الشيعة والأوزبك والتركمان الذين يمثلون جميعا نصف المجتمع الأفغاني وهم جميعا مسلمون.
وحين نرى صور آلاف من الأفغان يحاولون بكل ما أوتوا من قوة أن يخرجوا من بلدهم خوفا من حكم طالبان، ويتساقطون جوا من الطائرات التي علقوا بها هاربين، سندرك إلى أي مدى كانت تجربة هؤلاء في الحكم مريرة ومؤلمة، وتقدم للعالم صورة مشوهة ومرعبة للإسلام كما فعلت نظيراتها في القاعدة وداعش وبوكو حرام.
“تدوينه”