يأتي التصغير في اللغة لمعان متعددة كالتحبب والتقليل والتقريب والتحقير، ويتحدد كل معنى من هذه المعاني من خلال السياق الذي يستخدم فيه المصغر.
ويكتسي التصغير في الأسلوب الأدبي أبعادا دلالية وظلالا نفسية ثرية، حيث يتفنن الشعراء في توظيفه وإدراجه في النصوص الفصيحة والشعبية، ومن شواهده المعروفة القصائد التي عرفت ب ” المصغرات” بين الشاعرين المتميزين: محمد ولد أبنو ول احميدن، والمصباح.
وتجد هذه الصيغة الصرفية مرتعها الخصب في لغن الحساني، بل يخيل إلي أنها أكسبت غرض الغزل لونا يجعله أقرب إلى الترقيص (اتْحَجْلِيبْ) منه إلى الغزل، أو لنقل هو غرض مزج بين الغرضين واكتسب بذلك نكهة خاصة.
فبقدر ما يحمل معاني الحب والتعلق يتسم كذلك بالبراءة والطفولة؛ فتصبح المرأة فيه محبوبة وطفلة ويقع الشاعر في حبائل فتنة مزدوجة جمعت التعلق الوجداني والحب البريء.
وتتفاوت النصوص في توظيفها التصغير فمنها ما يتضمن كلمة واحدة ولكنها تصبح كلمة مفتاحية في النص توجه معناه وتحدد رؤيته:
يقول امحمد ول الطلبه اليعقوبي مخاطبا زوجه الفتية التي ما تزال ترتدي الدراعه:
نَـعْــرَفْ كِـنْـتْ إِلَى جِـبْـتْ امْـرَه @@ تِـتْـكِي وِاتْخَـلِّـيـنِي نِـتْـكِي
كُــونْ أُمْ ادْرَيْــــرِيـعَه صَــفْـــرَه @@ تِكْـعِـــدْ وِاتَّــــمْ أَلَّا تِـبْــكِي
إن التجربة التي عبر عنها الشاعر تجربة قاسية على الرجال عادة، فأن يحس الزوج أنه غير مرغوب من طرف شريكته لأمر محبط؛ يبعث على الغضب والحقد، خاصة أن الشاعر ولد الطلبه كان فتى زمانه و(گطَّاعْ اگـلَايِدْ) بنات تيرس وآدرار والساحل والگبله؛ أي كل المجال الذي ظل يجوبه راكبا جمله، وحاملا كتبه، ومتغنيا بقصائده الفريدة.
وإذ به فجأة يصبح فزاعة لطفلة صغيرة غير سلسة القياد: (أم ادريريعه صفره)، ومع هذا لم يحمل الگاف أية شحنة سلبية لنقمة ولا غضب من هذه الفتاة، بل أضحت الحادثة مثار أنس ودعابة لديه، فكراهيتها له (ابْتَمَلِّتْهَا عَنْدُو).
ويبالغ الشيخ ولد مكي في توظيف التصغير في طلعته عن “ابْنَيَّه) فكأن اسمها المصغر أوحى له باستخدام المفردات المصغرة للتعبير عن إحساسه تجاهها؛ والذي يمتزج فيه التعلق الوجداني بالحب الطفولي:
إفْ نَصْرَه رَيْـتْ احْـدَيْـــدْ @@ يِـلْهِـي، رَمْـــشَه فُــــوَّيْــــدْ
وِاخْـبَـطْـنِـي گَــمْ ابْــكَـيْــدْ @@ ؤُرَدْ ارْدَيْــــــــدْ اعْــــــلِــيِّ
تَـعْــرَفْ كِيفَــاشْ ارْدَيْــدْ؟ @@ كِـــيـــفْ ارْدَيْـــــدْ ابْـنَـيَّــه
كِـيــفِــتْــهـَا مِـنْ شِـي فَــمْ @@ اظْـــحَــيْـــكَه وَأَيْــــدِيَّــه
ؤُكـِيـفِـتْـهَـا گِـــــدْ ؤُيَـــــمْ @@ وَأَلَّا بَـــــاطِـــــــلْ هِــــــيَّ
ويعبر أحد الشعراء الشباب عن الحالة التي انتابته من كُليمات الحبيبة في الهاتف:
اكْـلَـيَّــامِـــكْ لِـكْـصِـيــفْ @@ افْـــوِذْنِـي مَــاهُـو كِــيــفْ
لِكْلَامْ، ؤُظِحْكِـكْ لِي اِفْ @@ تِــيــلِـــفُّـــونْ ابْــنَــغْـــمُـو
ؤُذَ مَــاهُـو گِـدْ اللِّي افْ @@ دَلَّالِــــــــي، وَالْـفَــهْــمُـــو…
وِارْگَـادِي عِدْتْ انْشُوفْ @@ وِجْـهِـكْ فِـيــهْ ابْــرَسْــمُـو
ظَاهِـرْ لِي عَـنِّي تَـوْفْ @@ خَـالِگْ لِـي هُــوَّ أسْـمُــو