تابعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي فعاليات الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية للولاية السادسة، وخرجت بمجموعة من الملاحظات والانطباعات يمكن استعراضها من خلال النقاط التالية:
* اهتمام نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي بالزيارة ومناقشتها وقد لاحظت أن “اترند” هذه الأيام كان يتعلق أساسا بنقد ظاهرة التملق والتلون السياسي وتغيير البذلات changement de veste الذي يواكب عادة زيارة الرؤساء للولايات. ولاشك أن نقاش هذه الظاهرة وشجبها وتوثيقها بالصوت والصورة سيساهم مستقبلا في مكافحتها خاصة أن الشباب هم الأكثر نشاطا في العالم الافتراضي.
* موضوع الزيارة كان بالغ الأهمية فقضية الأمن الغذائي باتت تشكل هاجسا لدى العديد من دول وحكومات العالم، خاصة بعد تداعيات جائحة كورونا وما رافقها من تحطيم لمسلمات العولمة مثل تكامل سلاسل التوريد، وغياب الحدود والمصنع العالمي الكبير، ولاشك أن سهل شمامة يمكن أن يكون رافعة للاقتصاد الوطني ويحقق الاكتفاء الذاتي خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهو ما يتطلب وضع خطط واستراتيجيات قصيرة ومتوسطة المدى قادرة على النهوض بالقطاع الزراعي، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فيه، بالإضافة إلى تكليف المختصين بالملفات الحساسة و تغيير العقليات والمسلكيات المتربطة لدى المجتمع بالزراعة.
* تغير شكل التواصل بين القمة والقاعدة، حيث يشير غياب برمجة خطاب الرئيس عن فعاليات التظاهرة إلى تغيير في طرق التواصل بين الرئيس وشعبه، فقد لاحظنا في السنتين الماضيتين اختفاء الخطابات الموسمية المرتبطة بالأعياد حيث يكتفي الرئيس بمعايدة مواطنيه من خلال حسابه عبر تويتر، وهي منصة بات العديد من زعماء العالم يفضلونها على وسائل الإعلام التقليدية. بالإضافة إلى ندرة الخرجات الإعلامية والمؤتمرات الصحفية، ولا شك أن غياب برمجة خطاب للرئيس في اجتماع جماهيري حاشد يمثل تأكيدا لهذا النهج الجديد.
*مضمون الخطاب الرئاسي كان لافتا للانتباه فقد أوضح أن الزيارة عملية وليست تفقدية، ثم أثار موضوع الأمن الذي بات يقض مضاجع المواطنين، كما ناقش أبعاد المفهوم الغذائية والإنسانية والسبرانية مميزا بين الأمن الملموس والمحسوس، ووعد بصدور ترسانة تسد الفراغ القانوني الذي سببه التطور التكنولوجي المتسارع.
* إلغاء اجتماع الأطر، حمل بين طياته دلالات مهمة ، فرغم أن تبرير الإلغاء بجائحة كورونا أضفى مسحة أخلاقية على القرار إلا أنني أتوقع أن تختفي تلك الفقرة مستقبلا من أجندة الزيارات الرئاسية الداخلية. ولا شك أن مراجعة تلك الاجتماعات وتقييمها من طرف المختصين بات ضرورة في الوقت الراهن، وذلك من أجل تحديد القيمة الاقتصادية والاجتماعية التي أضافتها، وما إذا كانت تضمنت تشخيصا علميا دقيقا للمشاكل الهيكلية التي تعيق التنمية، وهل استطاع الأطر خلال اجتماعاتهم بالرؤساء تقديم مقترحات وحلول تساعد الحكومات على ربط المركز بالأطراف وتسريع وتيرة النمو.
* أداء أيقونة الأناشيد تكيبر بنت الميداح، ونشيد الفنانين الشباب أعادا إلى الآذان والأذهان عناق الكلمات والأنغام الذي يرافق عادة الزيارات الرئاسية، ويشي صدق عاطفة النشيدين بأن الشعراء والشِّعَار يدعمون هذا النظام بالنظم واللحن والغناء وهو ما يطرح العديد من التساؤلات يضيق المقام عن بسطها.
يعقوب اليدالي