الأمن القومي../إسحاق الكنتي

في خطابه أمام سكان ولاية ترارزه أكد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أن لا تهاون مع كل ما يمس الأمن القومي، وهو بذلك يضع خطوطا حمراء للتنبيه والتحذير؛ تنبيه أولئك الذين لا يميزون بين معارضة نظام والاضرار بالوطن، وتحذير لمن “يلعبون بالنار”… وإذا كان أمر الفئة الأولى يسيرا،فإن اللاعبين بالنار هم الخطر الحقيقي على الأوطان إذ ينخرطون في “لعبة” لا يتقنون قواعدها، ولا يدركون أبعادها، فيقعون في مصيدة “وسائل التواصل الاجتماعي” حيث كل قول مسموع، وكل مكتوب مقروء. ولا يدرك، في الغالب، الواقعون في المصيدة أن من يمسك بالشبكة يستخدمهم طعما يصطاد به أوطانهم. فقد تم التحضير لفتنة الربيع من خلال مجموعات تم تكوينها على بث الشائعات، ونشر الأخبار الكاذبة. لم تكن تلك الطعوم على دراية بالهدف الذي تجند له، وإنما بدت لها اللعبة مسلية، والانتماء إلى مجموعات “مميزة” مغريا.. لم يفكر أحد منهم في المآلات التي انتهت إليها الفتنة التي كانوا وقودها.. كانت شائعاتهم(مليارات مبارك، وعلي عبد الله صالح.. والقذافي يقصف شعبه، وسطوة ليلى بن علي…) قنابل انشطارية مزقت النسيج الاجتماعي، ودمرت البنى التحتية جريا وراء سراب الحرية والديمقراطية.. ثم ساد الندم، ولات ساعة مندم!! تفتقت أزهار الشر حيث كان يسود السلم، ومستوى ما من العيش الكريم.. “نجحت الثورة”.. في سفك الدماء، وتهجير النساء والأطفال، وتدمير الأوطان… و”فشلت الدولة”… في توفير الغذاء والدواء، وأدنى مستويات الأمن!
ثم أطل علينا أحد “أبطال لوحة المفاتيح” حليق الشعر، مطأطأ الرأس، باكيا على ما اقترفت أنامله من تحريض على التظاهر، وهو مسترخ في مكتب مكيف، وما نشر من شائعات دون أن يتساءل عن الهدف منها!!!
لقد وجه فخامة الرئيس الشباب الموريتاني إلى ما ينفع وطنهم، ويؤمن مستقبلهم: العمل. فلعل السبب الأول لبطالة الشباب هو العزوف عن العمل، والانشغال بالسياسة، بدل الاشتغال بالانتاج في القطاعات التي تتمتع فيها بلادنا بميزة تفضيلية: الزراعة، وتنمية المواشي.
إن الاشتغال في قطاع الزراعة وتنمية المواشي، بالاضافة إلى كونه نشاطا مدرا للدخل، يساهم بشكل كبير في تعزيز أمننا القومي، فلم تعد قضايا الأمن تقف عند الحدود، وإنما تعدتها إلى حيث تكمن المصالح العليا للوطن، يتعلق الأمر بمصادر الطاقة والغذاء والماء، وطرق التجارة. فلا سيادة لبلد عاجز عن تحقيق أمنه الغذائي. ويزداد الأمر إلحاحا حين تكون الظروف الطبيعية مواتية، والارادة السياسية متوفرة،ولا ينقص سوى الجهد البشري!!! كان صلى الله عليه وسلم يحب اليد الخشنة؛ يد العامل الذي “يدون” في الحقول جداول “ينشر” فيها البذور لتنبت الأرض “حبا ونباتا وجنات ألفافا”…

شارك هذه المادة