من المتعارف عليه في حقل العلوم السياسية؛ أن للدولة وظيفتان: هما توفير الأمن وتوزيع المنافع؛ وعندما تعجز عن أداء هاتين الوظفتين أو إحداهما؛ توصف الدولة؛ بأنها أصبحت دولة فاشلة.
وموريتانيا في وضعها الحالي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من حالة الدولة الفشالة على غرار أغلبية جيرانها من دول الساحل؟
وما ظاهرة الانفلات الأمني الذي تعرفه مدينة نواكشوط؛ إلا إحدى تجليات عجز الدولة عن القيام بوظائفها ونتيجة طبيعية لممارسات الفساد المعمم؛ الذي ينخر جسم الدولة الموريتانية منذ عقود.
فالاطفال الذين تسربوا من المدرسة وأصبحوا في الشارع عرضة لعصابات المخدرات ألتهم الفساد الاموال التي كانت مخصصة للتعليم.
والأموال التي كانت مخصصة لتجهيز الشرطة لمواجهة عصابات المخدرات؛ ألتهمها الفساد؛ فأصبحت عصابات المخدرات والجريمة المنظمة تسرح وتمرح في موريتانيا بدون أي رادع.
والأموال التي كانت مخصصة للملاعب والحدائق العامة؛ بوصفها متنفس للشباب لتفريغ طاقته؛ ألتهمها الفساد؛ فأصبح الشباب في الشارع عرضة للضياع؛
والأموال التي كانت مخصصة لتشغيل الشباب؛ ألتهمها الفساد؛ فأصبح الشباب عرضة للفقر والضياع.
والأموال التي كانت مخصصة للمحاظر والتربية الدنية؛ ألتهمها الفساد؛ فأصبح الشباب في الشارع عرضة للضياع؟
والأموال التي كانت مخصصة للشؤون الاجتماعية لمحاربة الفقر؛ ألتهمها الفساد؛ فأصبح الشباب في الشارع عرضة للفقر والضياع ؟
والأموال التي كانت مخصصة لمكافحة الفقر؛ ألتهمها الفساد؛ فأصبح الفقراء عرضة للضياع والاستيعاب من قبل عصابات الجريمة المنظمة.
وبالتالي؛ فإن ما نشاهده من انتشار للجريمة المنظمة في موريتانيا اليوم وخاصة في كل من مدينتي نواكشوط ونواذيبو؛ هو النتيجة الطبيعية للفساد المالي والإداري المنتشر في موريتانيا منذ عقود؛ والذي هو وليد الفساد السياسي؛ الذي أصبح له مدارس عريقة تخرج قادته بإستمرار.
وما لم يتم التصدي للفساد الكبير ؛ فإن الدولة لن تستطيع إيقاف الجريمة المنظمة؛ التي هي الوليد الشرعي للفساد؛ وغير ذلك يعني أن الدولة الموريتانية مهددة بالانهيار أمام ضربات تحالف أباطرة الفساد وعصابات الجريمة المنظمة ؟