“القدس العربى”: تعديل حكومة “ولدبلال” فاجأ الرأي العام وقوبل باالانتقاد …وبعض الترحيب

كما يحدث في كل تعديل تشهده الحكومة، أثار التغيير الجزئي الذي أجراه الرئيس الغزواني مساء الأربعاء داخل حكومة محمد ولد بلال، تعليقات واسعة حيث قوبل بانتقادات واسعة حتى من مناصرين للنظام، كما حظي ببعض الترحيب.
فقد فوجئ الرأي العام الموريتاني بمحدودية التعديل الذي أدخل كفاءات وأخرج أخرى، حيث كان الجميع ينتظر حكومة جديدة كلها، لا ترقيعاً حكومياً كما حدث.
وأطاح الرئيس محمد ولد الغزواني في هذا التعديل بكل من سيدي ولد سالم وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتقنيات الإعلام والاتصال، ومحمد نذير ولد حامد وزير الصحة، وخديجة بنت بوكه وزيرة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي.
وأدخل مرسوم التعديل ستة أوجه جديدة، هي: المختار ولد داهي، وهو دبلوماسي وكاتب مشهور، وقد عين وزيراً للثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان الناطق باسم الحكومة، وقد لاقى تعيينه ترحيباً واسعاً، وآمال بنت الرئيس الراحل سيدي محمد الشيخ عبد الله، وقد عينت وزيرة للتعليم العالي والبحث العلمي، وقوبل تعيينها بترحيب كبير، وسيدين ولد سيدي محمد ولد احمد اعلي، وقد عين وزيراً للزراعة، والدكتور سيدي ولد الزحاف، وقد عين وزيراً للصحة، ومحمد الحسن ولد بخريص وزيراً للمياه والصرف الصحي، وفاطمة بنت خطري وقد عينت مفوضة للأمن الغذائي برتبة وزير، والشيخ أحمدو ولد أحمد سالم ولد سيدي، مفوضاً لحقوق الإنسان والعمل الإنساني برتبة وزير.
وضمن إعادة تقطيع للوزارات أحدثها التعديل، احتفظ وزراء في الحكومة السابقة بعضويتهم في الحكومة الجديدة بتسميات جديدة لوزاراتهم، وهم: محمد ماء العينين ولد اييه وزير التهذيب الوطني وإصلاح نظام التعليم، وكمارا سلوم محمد وزير للوظيفة العمومية والشغل، ومحمد عبد العزيز ولد داهي وزير التحول الرقمي والابتكار وعصرنة الإدارة (قطاع وزاري جديد)، منقولاً إليها من وزارة الصيد والاقتصاد البحري، والدي ولد الزين وزيراً للصيد والاقتصاد البحري منقولاً إليها من وزارة الزراعة، ولمرابط ولد بناهي وزير البيطرة منقولاً إليها من وزارة الثقافة، والناها بنت حمدي ولد مكناس وزيرة التجارة والتصنيع والصناعة التقليدية والسياحة، والطالب ولد سيد أحمد وزير التشغيل والتكوين المهني منقولاً إليها من وزارة الشباب والرياضة، والناها بنت هارون ولد الشيخ سيديا وزيرة للعمل الاجتماعي والطفولة والأسرة.
وواصل الساسة والمدونون نشر تقييماتهم للتعديل الحكومي، حيث اعتبره الإعلامي الحسن لبات “مجرد عودة قوية للقوى التقليدية في الحكومة الجديدة، وهو ما يعني، حسب رأيه، التحضير لانتخابات برلمانية سابقة لأوانها، يحتاج فيها رئيس الجمهورية إلى سند الدولة العميقة”.
وأضاف: “لكن في المقابل، ستكون النتائج وخيمة في كبريات المدن، التي أصبح نبضها يخضع لاعتبارات أخرى”.
أما المدون محمد المنى، فقد كتب تحت عنوان “بدل الترقيعات؛ هل من رؤية مفيدة؟”، معلقاً بقول: ” تحتاج موريتانيا منذ وقت طويل إلى ما هو أبعد وأعمق من مجرد تحريك وتغيير مواقع موظفين ووزراء واستبدال هذا المسؤول من القبيلة الفلانية بمسؤول من القبيلة ذاتها، حفاظاً على التوازنات وتجنباً لإغضاب أي طرف. إنه أسلوب عقيم وبدائي ولا طائل من ورائه مطلقاً، وهو يعيدنا إلى الوراء أكثر بكثير مما يقدِّمنا إلى المستقبل. وفي ظل سياسة ترقيعية كهذه، فإننا لا نراوح مكاننا فقط، وإنما أيضاً نعود إلى الخلف باستمرار وبسرعة أكبر مما يتوقع الكثيرون”.
وعلق الحسين محنض، الناشر لمجلة “المسار”، وهو من أنصار الرئيس الغزواني، مخاطباً الرئيس بقوله: “كامل الأسف، لأن التغييرات الحكومية التي أعلن عنها أكدت طغيان هيمنة التوازنات القبلية على ما سواها بقوة، وكأن الرئيس لم يأخذ في الحسبان أن غالبية الشعب لم تجن شيئاً من وراء اللهاث وراء بارونات القبائل، في وقت تزداد ظروفها المعيشية والحياتية صعوبة يوماً بعد يوم، وأصبحت تتطلع إلى رئيس يقدم شيئاً ملموساً للمواطنين، وإلى حكومة تخدم الشعب لا حكومة مرتهنة للقبائل، وليس لحكامها وولاتها شغل سوى التعاطي مع القبائل ونقل صراعاتهم ومغاضباتهم، ودسائسهم ومطالبهم للسلطة إلى درجة يخيل معها لمن يقرأ التقارير الأمنية عن البلد أن القبائل وباروناتها من مسؤولين ورجال أعمال هم عصب الدولة الذي إذا فرطت فيه السلطة فستنهار فجأة؛ وهذا وهم كبير، يا فخامة الرئيس”.
وقال: “نعم، قد تخدم التوازنات القبلية والتي استجد لها معطى جديد هو التوازنات العرقية، رغم خطورتهما على مستقبل البلد، بعض الأشخاص وتدفع بهم إلى الحصول على مقاعد انتخابية محلية بلدية أو برلمانية، لكنها لم تعد قادرة على خدمة أي رئيس أو إنجاحه أو الاحتفاظ به على الصعيد الوطني، وإما أن يختار الرئيس بين عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وبين تغيير هذا الأسلوب الذي دأبت عليه الأحكام العسكرية التي سبقته، فالظرفية قد تغيرت والشاطر من يفهم ذلك، قبل أن ينهار الوهم الذي بني على الاعتماد على القبائل وتحالفاتها بين يديه فجأة أو تتناسل من تحت عباءتها بذات أسلوبها تحالفات عرقية لا تستطيع أجهزة السلطة التفاهم معها”.
وتابع الحسين يقول: “الحقيقة التي يمكن أن يراها كل من لم يتلبس بغباء واضح، أنه ليس أمام الرئيس في انتخابات 2024 سوى الاعتماد على الشباب والشعب المهمش الذي يمثل الغالبية العظمى من خلال إنجازات ملموسة في ظل دولة مواطنة حقيقية أو السقوط الحر في الانتخابات القادمة التي من البين أنها ستكون انتخابات عرقية بامتياز يصعب التنبؤ بمدى التوترات التي قد تنجم عنها. فالاعتماد على القبائل عهده انتهى، والمخدوع من ينخدع به في عهد ثورة إعلام وسائل التواصل الاجتماعي التي غيرت وما تزال تغير كل شيء”.
وقال: “لذلك، أنصحكم فخامة الرئيس، بوقف هذا النهج فوراً، والتصرف بما يضمن لكم ولبلدكم مستقبلاً آمناً قبل فوات الأوان، فإني أرى بعين العقل أموراً كثيرة لا أحب البوح بها”.

شارك هذه المادة