تصدر فضّ إفطار رمضاني للتيار الإسلامي في السودان المشهد السياسي في السودان أمس الجمعة، فقد أكد وزير الصناعة إبراهيم الشيخ أن “الأجهزة الأمنية كان يمكنها التعامل بأفضل مما تم، اتفاقا مع قيم الشعب وسماحته ومراعاة لرمضان وهم صائمون” وفيما اعتبر القيادي في الحركة الشعبية – شمال، ياسر عرمان أن “أولوياتنا تتمثل في تفكيك نظام المؤتمر بلا رحمة، وفي إطار دولة القانون، وأن نترك لهم إفطار رمضان برحمة”، دعا التيار الإسلامي جموع الإسلاميين بكافة تياراتهم لـ”العمل الدؤوب والوحدة لإسقاط الحكومة الحالية”.
وكانت قوات الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع ساعة الإفطار على تجمع للتيار الإسلامي في إحدى الساحات، وسط الخرطوم، بعد الدعوة للإفطار في ذكرى معركة بدر الكبرى 17 رمضان والتي وجهتها ما تعرف بهيئة العمليات بجهاز المخابرات التي جرى حلها.
وسبق للجنة إزالة التمكين لحزب المؤتمر الوطني المحلول (الحاكم سابقا) أن حذرت من إقامة أي تجمعات لأغراض سياسية لأنصار الحزب المحلول خلال شهر رمضان.
وعقب فض الإفطار مساء الخميس، أصدرت اللجنة بياناً أكدت فيه اعتقال 12 من عناصر حزب المؤتمر الوطني المنحل شاركوا في تجمع إفطار رمضاني “بغرض سياسي”، شرقي العاصمة الخرطوم.
وأوضح البيان أن الشرطة ألقت القبض على 12 عنصرا من حزب البشير عقب إقامة إفطار بغرض سياسي في منتزه الرياض شرقي العاصمة، بشعارات سياسية وتنسيق كامل مع هيئة عمليات جهاز الأمن والمخابرات السابق.
وهيئة العمليات هي وحدة قتالية اسسها الرئيس المعزول البشير وتم حلها من قبل رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في 30 أغسطس/آب 2019.
وأضافت اللجنة الحكومية “دونت الشرطة بلاغات في مواجهة المتهمين بموجب قانون تفكيك نظام 30 يونيو واسترداد الأموال العامة، وقانون الإجراءات الجنائية وذلك لممارستهم نشاطا سياسيا تحت مظلة الحزب المحلول”.
كما أشارت أن عناصر حزب المؤتمر الوطني المنحل قامت بإثارة أعمال شغب في المنطقة.
ولاحقا، كتب القيادي الإعلامي في لجنة إزالة التمكين، ماهر ابو الجوخ: “الأمر ليس كما يبدو فضّ إفطار، الأمر أكبر من ذلك، وستتضح القصة كاملة في وقتها”.
واستنكر وزير الصناعة، إبراهيم الشيخ، عملية فض الشرطة للتجمع الرمضاني المسائي لمنسوبي حزب المؤتمر الوطني المحلول.
وقال الشيخ في منشور على “فيسبوك” “ساءني كثيراً ما شهدته من إطلاق البمبان على شباب الكيزان وهم صائمون، قبل دقائق من موعد الإفطار”.
وتابع: “مهما كان تقدير الأجهزة الأمنية، يمكن التعامل معهم بأفضل مما تم، اتساقاً مع قيم الشعب وسماحته، ومراعاة لرمضان، وهم صائمون”.
وأشار إلى أن قيادة شباب المؤتمر الوطني “لم يكبحهم كابح في معاداة خصومهم، ولكن هذا لا يبرر ما حدث عند موعد إفطارهم اليوم (الخميس)”.
وأضاف: “الحرية كل لا يتجزأ، ولا أحسب أن بضع عشرات يتجمّعون هنا أو هناك يهددون بقاء ثورة سقت دماء شهدائها هذه الأرض الطيبة”.
“لم نستفد”
كذلك قال القيادي في الحركة الشعبية ـ شمال، ياسر عرمان: “أضعنا في قوى الثورة والتغيير وقتا ثميناً ولم نستفد بالشكل المطلوب من قوة الاندفاع الثوري في تنفيذ خطة واضحة لتفكيك دولة المؤتمر الوطني ودولة الإسلام السياسي بلا هوادة ووفق الوثيقة الدستورية ومطالب الثورة في الحرية والسلام والعدالة”.
وأشار في منشور عبر صفحته على موقع “فيسبوك” إلى أن “الطبيعة لا تعرف الفراغ. الإسلاميون مسيطرون من المحليات إلى الوظائف العليا في الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى ولهم وجود مقدر في القطاع الأمني والاقتصادي والإعلامي”.
وأضاف: “السؤال الحقيقي لا يتمثل في ماذا يريد الإسلاميون الذين يقودهم حزب المؤتمر الوطني الفاشي، فالإجابة واضحة والفطامة صعبة بالذات لمن رضع ثلاثين عاما وارتكب كل الموبقات، بما فيها الإبادة الجماعية” .
وزاد: “علينا بتفكيك النظام البائد ثم تفكيك النظام، ليس على الطريقة التي تتم الآن ولكن بطريقة منهجية ومدروسة وقانونية، فأولوياتنا تتمثل في تفكيك نظام المؤتمر الوطني بلا رحمة وفي إطار دولة القانون، وأن نترك لهم إفطار رمضان برحمة، فهم في الإفطار أعينهم وقلوبهم لا تتجه بخشية وخشوع إلى رب العالمين، بل إن بصرهم يذهب تجاه القصر الجمهوري ومجلس الوزراء والقيادة العامة”.
وتابع: علينا إعادة ترتيب الأولويات وبناء كتلة انتقالية من قوى الثورة والتغيير صلدة وتتجه بقوى لتفكيك نظام الإنقاذ وبناء النظام الجديد القائم على الحرية و السلام والعدالة ودولة القانون التي يعيش تحت ظلها الجميع بمن في ذلك من أقاموا الإفطار” .
وزاد: أن “حشد شعبنا ومواجهته لهم هما الأقوى، فشعبنا هو من أسقطهم وطريق جهنم أن تختار طريقا لا يمشيه الشعب، فلنستخدم السلطة التي أعطاها لنا الشعب في تفكيك النظام البائد واستعادة زمام المبادرة وزمام الأمل وعودة قوى الثورة مجتمعة وراياتها في عنان السماء وترك النعاس والإحباط خلفنا”.
“بلا تشدد أو تفريط”
وفي غضون ذلك كله، أعلن الأمين العام المكلف للحركة الإسلامية، علي أحمد كرتي “المضي في اتجاه تكوين تيار إسلامي جامع، بلا تشدد أو تفريط”.
وأكد في بيان أمس أن “التيار الجديد سيكون لكل أهل القبلة في البلاد وموطأ الأكناف لكل أبناء وبنات الوطن لترسيخ قيم المواطنة وتأكيد معاني الوفاق الوطني”. وأطلق مبادرة (أنا المسلم) لـ”إحياء قيم الدين”.
وفي الأثناء أصدر ما يعرف بـ”التيار الإسلامي الجديد” بيانا وجه فيه عددا من الرسائل بينها “إلى المكون العسكري في السلطة الانتقالية بجميع مكوناته من الجيش والشرطة والدعم السريع وجهاز المخابرات وحركات الكفاح المسلح قادة وضباطا وأفرادا” حيث خاطب هؤلاء بالقول: “يربأ بكم التيار الإسلامي العريض من الانزلاق خلف أحلام يائسة من قلة قليلة من الأحزاب دونما سندٍ شعبي وأرضية مجتمعية لتكميم الأفواه وإراقة دماء الأبرياء والتغطية على فشلهم العريض في إدارة الفترة الانتقالية”.
وواصل: “إلى إخوان الشهداء ورفقاء الخنادق، إن التيار الإسلامي العريض يمد إليكم يده بيضاء نقية من التلطخ بالدماء، ويطلب منكم أن تخلوا بينه وبين الناس في ممارسة سياسية ديمقراطية سلمية توضح للعالم أجمع لمن الأغلبية ومن هم الشذاذ”.
وزاد: “إلى المكّون العسكري في السلطة الانتقالية، إن التيار الإسلامي العريض لن يقف مكتوف الأيدي في حال استمرار استهداف برامجه السلمية من قبل بعض القوات المنسوبة لكم وتعمل تحت قيادتكم “.
وخاطب أحزاب التحالف الحاكم في السودان (قوى الحرية والتغيير) بالقول: إن “التيار الإسلامي يأسف للتدني الأخلاقي والعجز الفكري الذي أصاب ممارساتكم والتي تناقض كل الشعارات التي رفعتموها في بداية الثورة، فكيف يعقل أن تحتجزوا قادة الحركة الإسلامية بتهمة الانقلاب على الديمقراطية وتمارسوا أبشع أنواع الديكتاتورية والقمع على الحريات والديمقراطية ضد نفس الإسلاميين؟”.
منازلة سياسية سلمية
وتابع : “التيار الإسلامي العريض يدعوكم إلى المنازلة السياسية السلمية الرصينة والعمل السياسي المضبوط و ترك الممارسات الصبيانية إن كنتم قادرين وعندكم الأهلية لذلك “.
وخاطب البيان كذلك مجموعات الإسلاميين بمختلف فصائلهم قائلا “ساعة الصفر قد حانت للعمل الجاد والدؤوب والمنظم لإسقاط حكومة الحرية والتغيير الحالية”.
وزاد : “إلى قادة وعضوية التيار الإسلامي العريض في الحركة الإسلامية السودانية والمؤتمر الشعبي و لمؤتمر الوطني والسائحون وحركة الإصلاح الآن والطرق الصوفية وجماعة أنصار السنة المحمدية وجمعية الكتاب والسنة والإحياء والتجديد وحزب التحرير وجماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية وإلى رموز الإسلاميين المستقلين وإلى قاعدة الإسلاميين العريضة في جميع أنحاء السودان ،
آن الأوان وحانت ساعة الصفر للعمل (الجاد) و(الدؤوب) و(المنظم) لإسقاط حكومة قحت طاعة لله والرسول – حفاظاً على الدين والملة – ومن أجل حياة كريمة لنا وللمستضعفين في البلاد، لا تتخاذلوا، انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، اتركوا الخلاف بينكم فالعدو واحد ومشترك”.
إلى ذلك، علق أحد القيادات البارزة في التحالف الحاكم في السودان، دون كشف هويته، لـ”القدس العربي” قائلا” بتنا لا نعرف السبب الذي يجعل رفاقنا في لجنة إزالة التمكين يوفرون الوقود الذي يعيد أنصار المؤتمر الوطني إلى صدارة المشهد ليحصدوا تعاطف عامة الشعب السوداني بمثل هذه التصرفات البهلوانية التي تضر أكثر مما تنفع، وتسلم قيادة الشارع لأنصار النظام البائد في ظل تعثر الحكومة في معالجة الاختلالات الاقتصادية”.
إلى ذلك أعلنت الحركة الإسلامية في السودان، الجمعة، وفاة أمينها العام الزبير أحمد الحسن، إثر نقله من السجن إلى مستشفى في العاصمة الخرطوم جراء تدهور حالته الصحية.
وذكرت الحركة في بيان مقتضب “إنا لله وإنا إليه راجعون، في ذمة الله أمين عام الحركة الإسلامية السودانية الشيخ الزبير أحمد الحسن”، وأوضحت أنها ستنشر تفاصيل أوفى عن التشييع وصلاة الجنازة.
وأبلغ مصدر مقرب من الأسرة، الأناضول، أن الراحل نقل من محبسه بسجن كوبر المركزي بالعاصمة، إلى مستشفى الشرطة بالخرطوم بسبب تدهور حالته الصحية، لكنه فارق الحياة هناك.
والزبير مولود عام 1955، تخرج من جامعة الخرطوم، كلية الاقتصاد والدراسات الاجتماعية في 1980.
وتولى الزبير منصب أمين الحركة الإسلامية في الفترة من 2012 – 2018، وتم تجديد التكليف له في الفترة من 2019 – 2023.
وفي 24 يوليو/ تموز 2019، اعتقلت السلطات السودانية الزبير أحمد الحسن وعددا من قيادات الحركة الإسلامية في البلاد.
وظل أمين عام الحركة الإسلامية حبيسا في سجن كوبر، ضمن قيادات النظام السابق بتهمة تدبير انقلاب “نظام الإنقاذ” الذي أوصل الرئيس المعزول عمر البشير إلى السلطة آنذاك.
-القدس العربى-