تيار “جميل”،”جمال” .. مالوش مِثال………..ا

لا أملك صورة قريبة عن التيار، ولا تصورًّا،.. ولا أملك الكثير من المثابرة لتتبع ما يُعدُّ في مطبخ السياسة، تجعلني أنفي أو أؤكد ما يشاع من صحة أو زيف نسبة التيار لأهله، أو للمخزن، أو بأنه بُعث للتعجيل بموت حزب آخر.. وما أكتب هنا لا يتجاوز حدود الهزل، ولا يحمل سوء نية أو طويَّة.
ومادام التيار ديمقراطيا فسيَسمح للمواطنة أنَا، بالإفصاح عن رأيها دون تَحسُّس، ذلك أيضا ما يُمليه طبع الأكابر، فالتَّهيب من نقد السَّاسة يُشجِّع فيهم التَّغطرس.. كما يَعرف “كَامَارَادْ جميل” أنَّ طموحي في الديمقراطية لا يتجاوز مَساحةً بقدرِ طولِ لسان مُؤَدَّب،.. حَتَّ كوريا الشمالية الصامتة، اتگول ارَّاصها “كوريا الديمقراطية”.. لأنَّ رَبّك كريم، والمُعجم السِّياسي يَسع الجميع.

منذ فارق الرئيس “جميل” إخوانه، وأيامه حُبلى بشيء أوْدَعَ الغموض سرِّه مُطوَّلاً، ثم جاء المخاض، فكان ميلاد “تيار من أجل الوطن”، وكلمة “الوطن” سبكٌ جميلٌ، مَتين.. ويبدو أنَّ الإخوة والأقوام والرفاق قد جَدَلوا حول الوطنية خَيْطَ وُدٍّ يؤلّف بين قلوبهم بعد طول تنافر.. أُبارك للتَّيّارِيِّينِ، وأتمنى للمولود الصحة والحفظ، فهو بذرة حمل بالتلقيح الاصطناعي..

من الدَّارج ظهور ماركات أو رَافعات من أشكال التلاقي السياسي في الفترات-المفاصل (قبيل الانتخابات، أو بعيد الانقلابات أو الأزمات)، تتسمَّى التيار، الكتلة، الخط، الميثاق، لتسجيل موقف أو دعم آخر، أو بعث رُؤى.. وتستقطب -عادة- الشتات النخبوي حول هدف مؤقت.. وأُقرُّ بأنَّ من تصدَّروا مجلس التَّيار، هُم من خيرة من أقلَّتهم غبراء هذا البد، عِلمًا وحصافة والتزاما، ولهم كامل الحق -كغيرهم- في الاجتماع أو الانفلاق، أو تبني الوصاية على الوطنية،.. فربما قادتهم الحنكة لفتح نوافذ العقل على مراجعات عن بصيرة، أتمنى الخير للبلد.. ولهم مني كل التقدير والاحترام.

تُذكِّر التيارات بلبنان الأناقة، تيار “المستقبل” والمحاصصات والمال والعائلات، وتيار “المردة” أو “تِيَّاب” المشاغبات المسلَّحة.. ولوْ أنَّ تيار “جميل” متنافر الأمشاج شيئا مَا، لكننا في آخر الزَّمان الإيديولوجي، وكل التيارات تخرج عن نطاق مسارها التقليدي، بما في ذلك تيار الكهرباء وتيار كناريا..

هذا التقارب الفريد ربما يسن مبدأ التناوب السلمي بين الإخوة والرفاق على قيادة التشكيلات، فقد تَرَأَّسَ جميل إخوان الإسلام فترة، ويَتكرمُ الآن بترأس فرع من القوميين، وقسمٍ من الكادحين وشتات من غير المصنفين.. ثم يأتي الدور في التَّعاقب على كادح أو ناصري فيَقبل الإخوان (فرع جميل) بإمامته ردحًا من الإيمان بالشورى، ردًّا للجميل، وتطبيعا رَحيما بين “كارل” و”جميل” و”جمال” و”البنا” و”انجلز” و”عفلق” وهَلُمَّ تَواصُلاً أخويًّا.. التّوادد حلوٌ!، ..

مَكْرُمَةٌ أنْ يُقَدِّم “جميل” أفكاره ورسائله الجديدة، بين غلافين مطرزين بالتنوع الإيديولوجي،.. يَمينٌ عن اليَمينِ ويسارٌ عن اليسارِ،.. لكن اليسار لم يعد يسارَ القهوة المُرَّة وأعقاب السجائر والشَّعر المنكوش والخصام مع المال.. فقد دخَّن الرفاق السيجار وتذوقوا الكافيار، وأُغرموا بالدينار، وتحلَّلوا كُلًّا أو جُلاًّ من الفِكر والأفكار،.. واليمين أسقطت عاديات الدَّهر مكان جُلوسه ورصيد غروره،.. فهل تَحلَّل الأخ “منصور” مثلهم، من ميثاق غليظ في رقبته قبل المُضِي في التَّحور والإحلال؟… أم سَيَجعل – بحنكته- من الجميع قطع تبديل تخدم طموح رجل يُؤَمِّن موضع جَيْب وموقع حقيبة..

مؤكد أنَّ السياسة في بلدنا لم يبقَ فيها من غُموض تجحظ له العين،.. لكن السياسة تظل أكثر ذكاء من أن تُغالط نفسها،.. هَبْ مثلاً أنَّ “جميل” هو الأغزر عقلا في الإخوان، لكن نَجاحه مَعَهُم كان بِهِم.. فقد أعانه انضباط الأشياع والأتباع، والتزام التنظيم ماليا ودعائيا بمشروعه الأقدس، .. تلك تجربة لها ظروفها التي صنعت مَلحميّتها خارج قدرة “جميل اليوم” على الجذب والجاذبية، حتى ولو تحوَّر مرحليا في صيغة شَرَكِ صيد اصطناعي، واصطاد أجناسا الأصل فيها عدم الحلِّ شرعًا (القوميين والكادحين)..

ثم إن هذا التيار منصور بذاته إن صحت نسبته إلى المخزن، وساعتها من “الإنصاف” تفهّم إقبال النخبة الإدارية عليه، ولن يحتاج جلبهم مهارات الرئيس “جميل” في الإغواء السياسي،.. أمَّا إنْ كان غير ذلك، فهل سيُحقّق “جميل” -الأعزل من إخوانه- النتيجة ذاتها مع خامة من شركاء غِيرْ؟ .. هل كان ليسعى إلى شراكة “وطنية” مماثلة وهو على رأس “تواصل”؟،.. وهل سيصمد انسجام الشركاء- الغرماء بعد مواكبة الانتخابات؟..

ختامه، أوصي الرفاق اوصايْتْ اصْديگ،:«حَيثُما تُرزقْ الْصَقْ» .. اغتنموا هذه السياحة الإيديولوجية بمعية الإخوان المهرة، وتعونوا من “مال الله” ومن طيبات ما أسبغ عليهم من نعمه ظاهرة وباطنة،.. و”حَظْرونا”.. أما من باب إبداء حسن النية بالفال، فم ادْويحيسه قديمة لا تنساوها تقول: «لم تلد السياسة أخطر من الإخوان على الأوطان»..

تحياتي.
Eddehma Rim

شارك هذه المادة