حضرت ليلة البارحة صلاة العشاء فى مسجد( التوبة) بمقاطعة( الرياض) جنوب العاصمة فى أولى ليالى المؤتمر السنوي ل( الأحباب ) أو( جماعة الدعوة والتبليغ )
كان الجو مهيبا مليئا بالسكينة والوقار
تجمع لايقل عن 30ألف شخص وربما حدود ال50 الفا تنادى من كل انحاء الوطن وكل ارجاء المعمورة لإحياء مؤتمر يستمر ثلاثة أيام ربما يسمونه ايضا” المشورة”
كل شيئ منظم ومرتب بدقة متناهية
حراس سلاحهم الإبتسامة وأناقة وبساطة الملبس ينتشرون فى كل زاوية وركن عند كل باب ومنعطف ينظمون الجلوس والسير ويرشدون الناس بهدوء صامت وأدب جم
مربعات تخييم مسيجة أنيقة تتنازعها أضواء مصابيح جميلة صغيرة تراوح بين الحمرة والخضرة تكبرها مصابيح إضاءة طبيعية مصفوفة بعناية فائقة
فى خيمة تنظيم عند مدخل المسجد خلية نحل توزع( البدجات) وتعين لكل جماعة مستقرها طيلة المؤتمر وتعد برنامج المؤتمر دون كلل موصلة ليلها بنهارها
الكل هنا يعرف إلى أين سيذهب فمربعات الإيواء بالغة الدقة تحمل أرقام المجموعات
وكل شيئ مرقم الأعمدة والقضبان والأبواب والنوافذ وخزانات المياه ومصاطب الوضوء
المسجد الذى يحتضن المؤتمر هو الأكبر مساحة وفضاءات فى البلاد
الحقت به خلال السنوات الماضية عشرات الفناءات والقطع الأرضية بعضها مبني وبعضها مفتوح لتوسعة المصلى مع مواقف للسيارات
يتسع المسجد لأكثر من مائة ألف من المصلين عند استخدام كل ملحقاته المغلقة والمفتوحة وفناءاته الجانبية
هنا تصلى فى صف به موريتاني وسنغالي وهندي وفرنسي ومصري ومن كل جنسيات العالم وفجاجه وثقافاته وشعوبه
لاغربة هنا فالترجمة متاحة مباشرة باوسع اللغات انتشارا وحتى باللهجات المسيطرة وفى كل ناصية ومربع مكبرات صوت عالية الجودة
( الأحباب ) يتدفقون من كل مكان يأتون جوا وبرا وبحرا
متحملين وعثاء السفر لبناء الروح وصقلها وحملها على التجرد من هموم الدنيا والارتباط بالخالق تعبدا وذوبانا فى مقامات السمو الديني
يمنح المؤتمر مقاطعة( الرياض) بل( العاصمة) كلها حركية تجارية تبادلية تحتاجها
فى (الرياض ) تنشط الأسواق نابتة فى جنبات المسجد تباع فيها كل البضائع ويجد فيها( الدعاة) ضالتهم من قلانس وسبحات وملابس وعسل وتمر وعطور وحبة سوداء ومستحضرات غذائية بأسعار زهيدة
تبدو صورة المؤتمر متعددة الأبعاد
تنظيميا وإعلاميا كأنك فى تجمع ل(الإخوان المسلمين)
حشدا وتخييما وزحمة كأنك فى موسم (صوفي) سنغالي
جوهرا ومستندا كأنك فى أحضان (سلفية) صارمة وهكذا
رغم مرور عقود على ظهور جماعة( الدعوة والتبليغ) فإنه يبدو أن( المراجعات) ليست فى قاموسها لاشكلا ولامضمونا فكل مؤتمر كأنه نسخة من الذى قبله وكل خروج هو كأول خروج فى تاريخ الجماعة تنظيما وتاطيرا و( ترتيبا)
يدخل ملايين الناس سنويا نسق الجماعة ليدوروا فى فلكها بنمط دعوي يكرر نفسه وكأنه لا ينبغى للجماعة التقدم أو التاخر عن مسطرتها التقليدية الصارمة
ومع انتساب آلاف الأكاديميين والخبراء والمهندسين والأطباء والأطر للجماعة سنويا فإنه لا خطاب للتجديد ولاتجديد للخطاب
تنجح الجماعة بسرعة فى تطويق خلافاتها الداخلية لكنها ومنذ نشأتها حبيسة قوقعة تحجب عنها صخب العالم من حولها
إنها غير معنية بالدمار والخراب والفوضى التى تجتاح العالم كأنها فى كوكب هامشي حتى أنها لاتغرس شجرة ولاتنظف شارعا ولاتتكفل بمريض
وفى كل مرة عندما تندهش لوضعيتها تقول لك ادبياتها
“علينا ومهمتنا أولا إعداد المجتمع أفقيا للعودة للدين الصحيح والعقيدة الصحيحة فإذا وفرنا أرضية الإصلاح تلك نكون وضعنا لبنة لمجتمع قادر على السير بثقة وشجاعة على محجة بيضاء ليرسم لنفسه شكل الحياة التى تناسبه”
حبيب الله احمد