أظهرت نتائج شبه نهائية وغير رسمية فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية ثالثة في جولة الإعادة الرئاسية التي خاضها مع زعيم المعارضة كمال قليجدار أوغلو.
بعد فرز أكثر من 94% من الأصوات، حصل أردوغان على 52.43% مقابل 47.57% لقليجدار أوغلو.
إذا ما تأكّدت هذه النتائج بشكل رسمي، فإن أردوغان سيكون بذلك ضمن ولاية رئاسية ثالثة وتمديد فترة حكمه المُمتدة منذ عقدين من الزمن لخمس سنوات إضافية. تُظهر نتيجة جولة الإعادة إلى جانب نتائج الانتخابات البرلمانية في الرابع عشر من مايو/أيار الماضي أن أكثرية الناخبين الأتراك قرروا التصويت لصالح الاستقرار السياسي على التغيير الذي وعدت به المعارضة. ومن المرجح أن يكون لنتائج جولة الإعادة تداعيات كبيرة على المشهد السياسي الداخلي في الفترة المقبلة.
إذا ما تأكد فوز أردوغان بشكل رسمي، فإنه سيتمكن من تشكيل سلطة جديدة لا تتعارض فيها الرئاسة مع البرلمان الذي سيطر عليه التحالف الحاكم.
وتُشكل هزيمة قليجدار أوغلو انتكاسة كبيرة للمعارضة التي فشلت في إخراج أردوغان من السلطة حتى في الوقت الذي استطاعت فيه تشكيل جبهة موحدة غير مسبوقة في تاريخ السياسة التركية الحديث.
فور ظهور النتائج الأولية، خرج آلاف الأتراك في مختلف الولايات إلى الشوارع للاحتفال بفوز أردوغان الذي استطاع النجاة من أصعب استحقاق انتخابي يواجهه على الإطلاق منذ عقدين. ومن المقرر أن يُخاطب أردوغان الأتراك منتصف هذه الليلة في خطاب “الشرفة” الذي عادة ما يقوم به عند الفوز في الانتخابات.
تضع جولة الإعادة نهاية لحملة انتخابية مُثيرة للاستقطاب العميق في البلاد منذ عدّة أشهر وبدت فيها المعارضة على أنها قادرة هذه المرة على إنهاء حكم حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، لكنّ النتائج التي حصدتها في الانتخابات التي جرت في 14 مايو الماضي، عندما فشلت في السيطرة على أكثرية مقاعد البرلمان الجديد وتخلف مرشحها للرئاسة عن أردوغان بفارق خمس نقاط مئوية، جعلت من الصعب عليها عكس المد الانتخابي لصالحها في جولة الإعادة.
ستكون الولاية الرئاسية الثالثة الأخيرة لأردوغان في السلطة لأن الدستور الذي تم التحول بموجبه إلى النظام الرئاسي بعد منتصف العقد الماضي لا يسمح للرئيس بالترشح لولاية رئاسية ثالثة، وهو ما يجعل التحدي الأبرز الذي سيواجهه في السنوات الخمس المقبلة إعادة ترتيب البيت الداخلي لحزب “العدالة والتنمية” وإعداد شخصية يُمكن أن تتولى زعامة الحزب ورئاسة البلاد بعده.
كذلك، سيكون الاقتصاد على قائمة التحديات التي تنتظر أردوغان في الولاية الرئاسية الجديدة، حيث تُعاني البلاد من تضخم مرتفع وتراجع في احتياطات النقد الأجنبي في البنك المركزي التركي. رجّح الكثير من الخبراء الاقتصاديين أن يتبنى أردوغان في الولاية الجديدة استراتيجية اقتصادية مختلفة عن السنوات الماضية، لكنّه لا يزال يُظهر عداء صريحاً لرفع أسعار الفائدة.
وفي وقت سابق، أظهرت نتائج أولية غير رسمية تقدم أردوغان على منافسه.
وذكرت وسائل إعلام محلية بينها وكالة الأناضول، في وقت سابق، أن أردوغان بدا متفوقاً على كليتشدار أوغلو بفارق ثماني نقاط مئوية بعد فرز أكثر من 65 في المئة من الأصوات. وحتى الساعة 6:40 بالتوقيت المحلي، أظهرت النتائج حصول أردوغان على 54.7% مقابل 45.2٪ لصالح كليتشدار أوغلو بعد فرز ما يقرب من 66% من الأصوات.
وبدأت عملية فرز الأصوات في جولة الإعادة الرئاسية التركية بعد أن أغلقت صناديق الاقتراع أبوابها في عموم ولايات البلاد في الساعة الخامسة عصراً بالتوقيت المحلي (الثانية ظهراً بتوقيت غرينتش).
وذكرت وسائل إعلام محلية أن نسب المشاركة في التصويت قد تكون أقل مقارنة عما كانت عليه في الجولة الأولى وبلغت نحو 88% وهي نسبة قياسية عكست أهمية هذه الانتخابات.
وصوت الأتراك اليوم الأحد، في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية.
وقد دعا المرشحان خلال الإدلاء بصوتيهما، الناخبين إلى التصويت بكثافة في هذه الجولة. قال أردوغان بعد الإدلاء بصوته في مدينة إسطنبول إن “الديمقراطية التركية تشهد للمرة الأول انتخابات رئاسية من جولتين”، مضيفاً أنه “لا توجد دولة تبلغ فيها نسب المشاركة بالانتخابات 90% لكن في تركيا بلغت هذه النسبة”.
من جانبه، حثّ مرشّح المعارضة بعد الإدلاء بصوته في العاصمة أنقرة الناخبين على “التصويت من أجل التخلّص من نظام استبدادي”.
وتكتسب جولة الإعادة أهمية استثنائية كونها تعكس المنافسة المحتدمة بين أردوغان ومعارضيه، ولأنها كذلك المرة الأولى التي يذهب فيها الأتراك مرة ثانية إلى صناديق الاقتراع في غضون أسبوعين، إذ لم يسبق أن أجرت البلاد جولة إعادة في الانتخابات الرئاسية منذ أن بدأ انتخاب الرئيس يتم عبر الاقتراع العام خلال العقد الماضي بدلاً من اختياره من قبل البرلمان.
تبدو فرص أردوغان بالفوز في جولة الإعادة أكبر مقارنة بكليتشدار أوغلو؛ لأن الأول تمكن في الجولة الأولى، التي أجريت في 14 مايو الماضي، من الحصول على 49.5% من الأصوات، بفارق نحو خمس نقاط مئوية عن منافسه المعارض الذي حصل على 44.8%. كما تمكن التحالف الحاكم من السيطرة على أكثرية مقاعد البرلمان الجديد.
وستكون انتخابات الأحد اختباراً جديداً لنظرة ما يقرب من 61 مليون شخص يحق لهم التصويت لمستقبل البلاد التي يحكمها الرئيس رجب طيب أردوغان منذ ما يزيد عن عقدين. سيُشارك في جولة الإعادة ما يقرب من 47 ألف ناخب شاب جديد بلغوا سن الثامنة عشرة بين الجولتين الأولى والثانية. ويُدلي الناخبون بأصواتهم في أكثر من 190 ألف مركز اقتراع تنتشر في عموم ولايات البلاد.
منذ أن انتخب أردوغان للمرة الأولى رئيساً للجمهورية في عام 2014، استطاع مرّتين أن يفوز بالجولة الأولى دون الاضطرار لخوض جولة إعادة على غرار اليوم. في الجولة الرئاسية الأولى، كان أردوغان بحاجة فقط لأقل من واحد في المئة من الأصوات من أجل الفوز، لكنّه لم يتمكن وقتها من تجاوز نسبة الخمسين زائد واحد لحسم المنافسة من أول جولة
ويُراهن أردوغان في هذه الجولة على استقطاب جزء من الأصوات القومية المتشددة بعد أن أعلن المرشح الرئاسي السابق عن تحالف “الأجداد” سنان أوغان، دعم أردوغان في الإعادة. وفي حال استطاع أردوغان استقطاب ما يقرب من 1% فقط من نسبة الأصوات التي دعمت أوغان في الجولة الأولى، ووصلت إلى 5.17% فإنه في لغة الحسابات سيضمن الفوز. مع ذلك، يُعول كليتشدار أوغلو على تحالفه مع حزب “النصر” القومي المتشدد لاستقطاب الجزء الأكبر من هذه الكتلة.
لم تكن الحملة الانتخابية بين الجولتين الأولى والثانية صاخبة على غرار ما كان الحال عليه قبل انتخابات الرابع عشر من مايو؛ لأن المعارضة بدت مُحبطة من تفوق أردوغان على كليتشدار أوغلو في الجولة الأولى بفارق يقرب من خمس نقاط مئوية وسيطرة التحالف الحاكم على البرلمان الجديد. وترّكزت الحملة الانتخابية لكل من أردوغان وكليتشدار أوغلو بين الجولتين الأولى والثانية على كيفية استقطاب الأصوات القومية. لكنّ هذه الكتلة ستتفرق بين أردوغان وكليتشدار أوغلو بعد قرار أوغان دعم أردوغان وقرار حزبي “النصر” و”العدالة”، وكلاهما انخرطا في تحالف “الأجداد”، لدعم كليتشدار أوغلو.
في حال استطاع أردوغان الفوز في هذه الانتخابات، فإنه سيضمن ولاية رئاسية ثالثة ستكون الأخيرة له. ويتمثل التحدي الأساسي الذي سيواجهه في السنوات الخمس المقبلة في حال هزيمة أوغلو في إعادة ترتيب البيت الداخلي لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم، وإعداد شخصية جديدة يُمكن أن تتولى زعامة الحزب ورئاسة البلاد من بعده.
ورغم أن فوزاً محتملاً لكليتشدار أوغلو في جولة الإعادة سيُعد ضربة قوية للرئيس أردوغان، إلآّ أن زعيم المعارضة سيواجه في هذه الحالة صعوبة في إدارة البلاد لأن البرلمان الجديد سيكون معارضاً له.
“القدس العربى”