بعد الزوبعة… عن گرمي أتحدث.

بخصوص گرمي الفنانة.
لستُ من جمهورها المتابع لها بدوام، حاولتُ ذلك ذات تشوق لإحياء صوت ديمي، ثم أقلعتُ حين أدركت أني أظلمها بالإصرار على المقارنة، وحين اقتنعتُ أنَّ بعض الأشياء، بعض الناس، بعض الأصوات طبعة وحيدة.
تملك گرمي حنجرة ذهبية استنسخت من حنجرة أختها ديمي، وساعدتها بصمة صوت الأخت الفقيدة على الصعود السريع ودون عناء إلى عنان الشهرة، كما ساعدها تلهف الوجدان الجمعي لتلك الحنجرة التي ثكلها لتوه، فتقبّلناها خليفة محتملة لديمي،.. لكن صوت گرمي الرائع مازال في حالة ضياع، ويعرف استهلاكا مُريعا في انتاج ينافس بعضه في التَّشابه الممل، والأكيد أن الهوس المادي يقتل الإبداع..
صوت گرمي موجود فطريا، أما “استيل” گرمي فمفقود فنيا، وعليها أن تجتهد في امتلاك هوية ذاتية.. فمن المهم أن ترتفع للأعلى بدلا من أن تندفع للإمام فقط، فغاية الفنان أن يكون نجما في السماء برصيد شخصي مدروس ومقنع، لا أن يكون رأس طابور “إيگاون” ويكتفي.

أما بخصوص التسريبات،
فمطلوب منا جميعا حماية القيم، لكن بعدلٍ وفي الاتجاهين، فكل تسريب حميمي هو دخول في حياة الآخرين من الأبواب الخلفية، وانتهاك واطئ للخصوصيات الفردية المسكوبة في الظل،.. ولا تهم طبيعة التسريب ما دامت لا تدخل تحت بند الاعتداء الجنسي على الآخرين أو التحرش أو القنص،.. للناس علينا حق احترام تفاصيل حياتهم في حدودهم، وحقهم في ممارستها في ستر لا يخدش الحياء العام، ولا يُشيع الفاحشة.. وإن حصل واستظهرت الحوادث بعضها علنا، فإن الناس بشر وحُمولة من الغرائز والهرمونات والشبقيات، وتتباين مكابحهم كتباين النِّسبية في الأخلاقيات والتربية الاجتماعية والجنسية وفي النظرة للرذائل والقبائح، والأرجاس والأنجاس.

تَتَستَّر گرمي في خلوتها أو تتعرَّى هذه حرية شخصية، جانبها الاجتماعي قيْدها فيه ضميرها وأخلاقها وجانبها الديني حسيبها فيه رب العزة والجلال، هو المُحاسِب وحده، وقد وضع حدودا لكل شيء، ووضع مناهج صارمة لإثبات ما تترتب عليه الحدود وتطبيقها، درءً لتغوّل الزَّاجر العرفي على الحكم الديني.

اهمال گرمي لدرجة الحذر، إنْ خُضتم فيه أو أمسكتم فذلك شأنكم وشأنها، فقد تُلام أو لا تُلام على مستوى وعيها وحيطتها، أمَّا مَا تعرضت له من عبث بخصوصياتها فجريمة سيبرانية مدمّرة، وتستحق مني الوقوف المعنوي والنفسي إلى جانبها ومؤازرتها وأتمنى لها من قلبي أن تخرج من أزمتها وتتعافى جراحاتها، وكامرأة أشعر بعمق بألمها وتوجّعها.. وقد خامرني الإحساس نفسه في حادث زعيم المعارضة، ولم يقذف قلمي وقتها نقطة حبر على ابتلائه، ” امعنِّي الإسلاميين انجيهم اعل مدح ارسول، ما نللّ گاع أل اعييت انجيهم سابگ يمدحو”.. لكني لا أرقص على نزف المحن وامتحانات الدهر،.. لقد آلمني بصدق وضمير شعور أطفاله وأسرته ومن هو قدوة لهم، لقد وقع عليه ظلم بواح بكشف حميميّاته التي لا تعنينا ولا علاقة لها بالشأن العام ولا نعلم إذا كانت عُهرا أو ملاعبة لأهل بيته!،.. فلم تجد أمريكا في افراغ بيل كلينتون لشحنة شهوته في مكتبه في فم المتدربة مونيكا لوونسكي سببًا كافيا لتنحيته عن قيادتها وقد بارزه خصومه بشراسة لكن بشرف الفرسان،.. لم يجردوه من آدميته، فصُنِّفت نزوته ضعفا آدميا لا ضعفا قياديًّا..

أما نحن ففصيل بشري مُخْتَلف لأنه حشري ومُتَخَلّف، نتلمَّس طريقنا بين ألغام عصر رقمي جديد علينا، وقد سهّلت وسائله على الناس الانشغال بتتبع العورات والفضائح لملء الفراغ الذي تركه فشل التعليم وانحسار الوعي،.. هذا العالم دروسه قاسية وتحتاج منا مناعة ذاتية صلبة.

عموما، المشاهير أخطاؤهم تلمع، وفضائحهم باهظة تستثير العامة، ومحيطهم كيدي، وحسابهم جماعي، وحياتهم محمولة على الألسن صدقا وتلفيقا.

تحياتي

شارك هذه المادة