سنوات عديده من الحزن مرّت
قليل من العلماء من يعمل بما يعلم ويتماهى معرفة وسلوكا ،وعدود رحمه الله من ذلك القليل العالم العامل ، لايطبيه زخرف الدنيا ولم يغره كان زاهدا بالمعنى الحقيقي للزهد ، فى وقت كان البعض يلعب بأموال أوقاف الخليج كان الشيخ يفترش الحصير فى أم القرى ويلتحف الخِلق
وشتان ما بين الذى يستلذها :: وبين الذى تعتامه ويعافها
كان الشيخ يحث الناس على الوحدة داعيا للم الشمل حضرت محاضرة له قال فيها :
“.. إنني لا أقوم بينكم بمحاضرة معدة مكتوبة ولكنها نصائح تقتضي الضرورة مني أن لاأزال أكررها عليكم عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون , فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودعٍ فأوصنا , قال – أوصيكم بتقوى الله عزوجل , والسمع والطاعة وإن تأمر عليك عبد , فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً . فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ”
تطاول عليه السفهاء عبر الأثير فكان كالعود ما زاده الإحراق إلا طيبا فكان لايزيد على التبسم صابرا محتسبا لأن له فى رسول الله أسوة حسنة
أذكر مرة على الأثير اتصل أحدهم غاضبا قائلا :
أجبنا أيها الشيخ ماهو حكم الوُلاَّة الذين لايحكمون بما أنزل الله
أجاب الشيخ بكل هدوء وتؤدة :
” .. إذا كان السائل يقصد بالوُلاَّةِ جمع والٍ فالجمع غير سليم لأن الولاَّة جمع ولاَّتٍ من ولتَ الحق أي نقصه قال تعالى :
” وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ” ، أما الوالي فتجمع على وُلاَة كقاضي قُضَاة .. ”
كان جواب الشيخ يتعلق بتصحيح جمع ، لكنه كان عميق الدلالة فمن لايعرف جمع الوالي أجدر أن لايعلم حدود ما أنزل الله على رسوله
كان يُقدر العلماء، مرة فى العراق مكث الشيخ مايزيد على الساعة يحدث عراقيا يلبس بدلة وكان حليق الوجه فتعجب الوفد من ذلك وحين سئل قال لاتعجبوا فهذا الرجل من أعلم من عرقت بعلم الحديث.
كان الشيخ وضيئا مهيبا يُغضي حياء ويُغضى من مهابته يحمل كاريزما العلماء وسيماء الصالحين ومهابة الأجلاء وكان متواضعا حاضر البديهة يمتلك روح الدعابة :
– فى جنازة الأمير سيد ولد أحمد ولد الديد قدم الناس إلى قرية ” تندكسم ” وحان موعد صلاة الفجر قدّم العلامة محمذن فال بن ألما الشيخ عدود ليؤم الناس فرفض عدود وحين ألح عليه قال ” أنا مقصر ” ضحك الناس لأن فريضة الصبح ركعتان وقبل محمذن فال اعتذاره.
ـ وفى زيارة له لدولة الإمارات سنة 2000 كان يقيم بنادي الضباط في أبوظبي، وزاره جمال ولد الحسن مع بعض القضاة والعلماء ، تحدثوا فى مسائل شتى وحانت صلاة العصر فقاموا للصلاة وسأل عدود عن الجهة يقصد جهة القبلة فأجابه جمال : أعتقد أن الجهة أصبحت معروفة ، مشيرا لبعض مواقف الشيخ من الأسماء والصفات ، فهم الشيخ قصده وفضحك.
سنة 1987 تلقى العلامة محمد سالم ولد عدود رحمه الله دعوة لزيارة دمشق يوم كان وزيرا للثقافة والتوجيه الإسلامي، وعلم أن وزارة الثقافة السورية تديرها امرأة هي الوزيرة الدكتورة نجاح العطار فبعث إليها كي لا يحرجها فى المطار برسالة تفيد أنه لايصافح النساء فتفهمت الوزيرة موقفه واحترمته.
وفي حفل توقيع الخطة العربية الموحدة للثقافة العربية بمكتبة الأسد بدمشق، مازح العلامة عدود الوزيرة نجاح بقوله: أنت نجاح وأنا أمي اسمها النجاح فلا شك أن أعمالنا ستكلل بالنجاح.
لايخفى ما في الصورة من ورع العلامة وصرفه لنظره، وكأن لسان حاله هو قوله في تقريظ كتاب (ذات السوار) للشريفة لاله منت الحسن:
غضضتُ عن ذاتِ السوار بصري :: وكان للسوار كلُ نظري
وعما تَبقَّى من حميدِ خصاله :: أرى الصمت أولى بي من ان أتكلما
في الصورة المرفقة يظهر العلامة محمد سالم ولد عدود وبجانبه الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز رئيس مجلس رعاية الشباب المكلف بالثقافة في المملكة العربية السعودية رحم الله الجميع.
وفي الصورة يظهر متنبي موريتاني الشاعر الفخر ناجي محمد الأمام وفي الصورة الدكتورة نجاح العطار وزيرة الثقافة السورية وبجانبها مستشارها الروائي السوري الكبير حنا مينه، وخلف الأمير فيصل يظر الدكتور محيي الدين صابر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والذي طالما قرانا مقولته في مقلوب الدفة الأخيرة من الكتب الدراسية في المرحلة الثانوية:
“إن الأمة العربية لها أن تعتز بأنها قدمت نفسها إلى العالم بثقافتها، وأنها طوت المساحات الجغرافية الهائلة في وقت قياسي”.
وبالعودة للأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز رئيس مجلس رعاية الشباب في المملكة العربية السعودية، فقد كان رحمه الله يحب موريتانيا ويقدر الشناقطة
رحمه الله، ذات موسم رياضي في ثمانينيات القرن الماضي تم منع الوفد الموريتاني من مشاركة دولية لعدم سداد موريتانيا لبعض الاشتراكات المتأخرة للمنظمة الدولية، فوقع الأمير فيصل شيكا بالمبلغ وشارك الوفد الموريتاني.
وكان الأمير صديقا للعلامة محمد سالم ولد عدود
فى مكتوبٍ له بعنوان ” العلامة والأمير … وأنا ”
ذكر الأديب الكبير ناجي محمد الإمام ما نصه :
“ذات مساء جمعني عشاء بسمو الامير فيصل بن فهد بن عبد العزيز رئيس مجلس رعاية الشباب المكلف بالثقافة في المملكة العربية السعودية تغمده الله بنعيمه المقيم ..فكانت صدفة ستبقى مفاعيلها ما دمت حيا ، ولما وصل العلَّامة عدود رحمه الله كنت قد حضرت كليهما للقيا الآخر ، فنَمتْ بينهما علاقة مودة وإعجاب، كان علامة العصر كلما رأى الأمير قال لي صاحبك هذا يذكرني بقول الأخطل :
لَذٌّ تُقَبَّلَهُ النَعيمُ كَأَنَّما :: مُسِحَت تَرائِبُهُ بِماءٍ مُذهَبِ
لَبّاسُ أَردِيَةِ المُلوكِ تروقُهُ :: مِن كُلِّ مُرتَقَبٍ عُيونُ الرَبرَبِ
يَنظُرنَ مِن خَلَلِ السُتورِ إِذابَدا :: نَظَرَالهِجانِ إِلى الفَنيقِ المُصعَبِ
خَضلُ الكِئاسِ إِذا تَنَشّى لَم تَكُن :: خُلُفاً مَواعِدُهُ كَبَرقِ الخُلَّبِ
وَإِذا تُعُوِّرَتِ الزُجاجَةُ لَم يَكُن :: عِندَ الشَرابِ بِفاحِشٍ مُتَقَطِّبِ”
وفى مستهل الثمانينات أقامت المملكة مهرجان الأمة الشعري حصدت فيه موريتانيا الجائزة الأدبية الكبرى بقصيدة الأستاذ عبد الله السالم المعلى :
ﻫﻨﺎﻙ فى ﺍﻟﺴَّﻔْﺢِ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻀَّﺎﻝِ ﻭﺍﻟﻌَﺬب :: عرﻓﺖُ ﺑﻨﺖَ ﺍﻟﺤِﻤﻰ فى ﻋﻬﺪها الذهبي
ولما انتهى المهرجان استدعى الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز وفد موريتانيا و أقام لهم عشاء فاخرا قلما ما افتقدوا فيه من مأكولاتهم الشعبية و الدليل قول الأستاذ ليلته تلك:
ذا لميرْ ايبـــان افگـــراش :: اعشاهْ إلّبْحاشيش إيْبلْ
فيه العيش ؤفيه الشركاش :: ؤفيه الخرفان وفيه البلْ
كامل الود
إكس ولد إكس إكرك