حَكايَا نِسوان في رَمضان.…….ا

الزمان، ذات تراويح،.. والمكان موطئ قدمين في صفِّ نساء، هن مزيج من النَّاس،.. ومن لطائف الحظ أن ننحشر بين امرأتين “ماهُمْ متحاملات” حتَّى في الصلاة، وتمثلان تنافر النقائض في العقليات وتفاصيل الحياة..

فلانة، سيدة أعْلى من الجديّة بطابقين، تُبدي صَرامةً في التّدين، ألْزمت نَفْسها تنظيم “سيركيلاسيون” بين الصّفين النِّسائيين، فبعد أن تَمْسَحهما بنظراتها، تنهر بنبرة عسكرية: «اتگدمي إنتي ذيك، اتگاعسي إنتي اشوي، اتگاربو انتوماتي ذوك لا يدخل الشيطان بيناتكم».. «الصيدات كذاش أولى من كذاش، وكيف تُرفع السبابة ويُعطَف الابهام!»،.. والكل مُهادن بحلم وتسليم وكأننا قطيع قريب العهد بدخول الإسلام!..

وحتى أحافظ على حيّادي المثلوج ممَّا يجري، استنجدُ بالصَّمت، وأثبِّتُ تفكيري في ثنايا انتظار الإقامة، فأبقى راكدةً في مكاني، أرفع عيني إلى الفراغ فأطيلُ النظر، أو أنزلها إلى السّجاد وأستعيذُ بالله من الكدر، حتى لا يُكْمِل خيالي الصُّورة وتعترض الغِيبَة سَبيلي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ويحدث أن تختفي فُلانة!،.. فيجعل الله لنا سبيلا إلى الطمأنينة بغيابها.. فربما ذهبت لتبليغ الرّسالة لأمة تَراويحيَّة أخرى غيرنا.. لكنها سرعان ما تظهر!..
أقدِّرُ أنَّ هدفها “متْعدل”، وسعيها نبيل وهو الإرشاد، لكن بعض الأهداف تصل أحيانًا مائلة إنْ كانت بالضَّربة الرّكنية.. والوصول للهدف التَّوعَوي يحتاج بعض اللُّطف في السلوك والتواضع، و”اشويات اخْراتْ منها القَبول”.

أراوغُ غالبًا لأتحاشى مُجَاوَرتها، لأسباب خارجة عن سلوكها قبل الصّلاة والذي ألمحُ فيه فوقيَّة دائبة التّعكير، بل أتحاشاها لسلوكها أثناء الصلاة، ومنه فرط الحركة وخشخشة صوتية مُتتالية تُقارب النُّطق بالحروف بين الجهر والسّر، تُعذِّب مزاجي وتشوِّشُ ذهني.. والصّلاة سكينة!.

ذات ليلة، كانت تجلس عن يميني ربّة بيتٍ من أحفاد “الهِمَّالْ”، ومن صنف تديُّن السّجية المُتّسق مع العَفوَّية.. وقد استنفدت صبرها على حركاتِ شَيْختنا الحِشرية،.. فما إنْ استهلَّت الأخيرة مُعجمها الجاف الآمِر: «الجماعة اتحاوزو، أيهْ اتحاوزو إجازيكم لا اتخلو فجّاجة للشيطان»، حتى بدأت جارتي تتلظى، « يَحرگ بَيَّك يذا امْن العَمْله اعل ادخول الشيطان!»، «يَوْيلي، يَويْلي».. ، أدَرتُ لَها أصبعي على صدغي بمعنى: «هل جُننتِ؟» وأنا أنظر إليها في استغرابٍ وهي تتلظَّى،.. فتابعتْ: «يَخيْتي الشيطان ما اشْغل فينا عامْ تامْ مطلوص اعل قرظو وانصاوعوه، يسَّلط اعلينا ظرك مَعْرونْ»…

طبعا، سدُّ الفُرج مطلوب، لكن بأناة ودون أذى،.. الشيء الآخر أنَّ المساحة المُجزية لجلوس الرَّجل تختلف عنها عند المرأة لتضادّ تضاريس أجسادهما،.. والالتصاق أو الاقتراب الشديد قد يُؤدي لجلوس بعضهن فوق بعض أخذا بالحجم واللّياقة، وبمورفولوجيا الجَسد السُّفلية، خُصوصا “السَّرْيَاتْ” المُزوَّدة بعَربات خلفية.

نعم،.. والناس بظان؛

ويحصل أن يُخطئَ الإمام في القراءة، أو ينسَى فيفتح عليه بعض الحُضور ويُصحِّح له، وكانت بعض الحاضرات لا يفوِّتن التلميح بكياسة بعد الصلاة إلى أنَّ فلان أو فلان (أزواجهن) هم من صحَّحُوا للإمام هذا المساء،.. فراكمت إحداهن لسَعاتٍ من الغيرة، فلامت زوجها:«انت أمَّالك زادْ انتَ ما اتسگم مرَّة للإمام كيفْ رجالتْ الصيدات، جبتلي الكسره».. گالها: « أصبري، حانيه يِتْغيلطْ في الفاتحة وللَّ المعوذتن، وشوفي يكاني ما برَّدتلك لخْلاگ».
….
تحياتي.

شارك هذه المادة