“7 “يناير ذكرى رحيل المناضل “ول سميدع”رحمة الله عليه

مقال كتبته في ذكرى رحيله الأربعين وأعيده اليوم في الذكرى الثامنة والأربعين لرحيله.

لهم خبرٌ “نگجير” يعرف رفعَه:: وتعرف “تمغرتٌ ” له رفعَ مبتدا
إلى “ماءة الأعمام” “فانگيْگم” إلى :: “وِرِيرِ” فـ “ذي الأنواع” صدّاء ذي الصّدى
إلى الماء من “شهلَ” المبارك سقيه :: إلى ماء “تنيّير”الحميدةِ موردا
إلى ما يعدّ “امحمّد” في قصيده :: وما عدّ “مولود بن أحمد أجودا”

من هذه الربوع تحركت الأحياء من بني يعقوب وتفرعت الفروع عن الأصول فتفرع عن أحمد متاع الله بن يعقوب فرعا أهل أشفغ المختار وأهل محمذن محمود، وعن أهل محمذن محمود- والتفريع ليس مشكلا – تفرع أهل سُميدع.
محمد الأمين ولد سُميدع “ولد لولادْ ” نشأ وترعرع بأرض الگبلة وتنقل حدثا بين محاظر أهله طلبا للعلم، حفظ القرآن ودرس اللغة والفقه فكان له باع طويل فى الفنون ومشاركات فى العلوم وله تفسيرات للقرءان وإسهامات فى اللغة وشرح على الكفاف.
مارس التجارة وهاجر إلى الشمال واستقر به النوى فى أطار وكان أول مفتش تعليم فى انواذيبو، تزوج امرأة من السماسيد رزق منها سنة 1945 بطفل أسماه سيد محمد نشأ كما ينشأ ناشئ الفتيان من قومه فقد علمه أبوه الكثير، ظهرت عله مخايل النباهة والذكاء حدثا وحين شب عن الطوق ودخل المدرسة نهض بأعباء الأممية العالمية.
كانت أصداء حركة الزعيم أحمد ولد حرمة وأفكار رابطة ” A J M ” وحركة النهضة وحزب الاتحاد التقدمي تتردد بين كثبان وكُدى المنتبذ القصي، وأخبارثورة الجزائر وثورة مصر تملآن الدنيا، و حين بلغ سيد محمد الخامسة عشرة استقل المنتبذ القصي سنة 1960 في ظروف بالغة التعقيد كان استقلالا خديجا قام على اتفاقيات مجحفة مع فرنسا وكأن لسان حال أهله ” مالايدرك كله لايترك جله”.

ولم يدرك الاستقلال كله فقد جاء مشفوعا باتفاقية التاسع عشر من يناير 1961 المسماة باتفاقية الصداقة والتعاون والتي تعطي لفرنسا حق الاحتفاظ بشؤون الدفاع، والخارجية، والاقتصاد والثقافة، ومن المفارقات أن بعثة ذهبت إلى فرنسا للتفاوض بشأن سحب أوتقليص القواعد الفرنسية فرجعت وقد زادت القواعد بقاعدة دفاع جديدة فى انواذيب، فسميت بصربة دفاع انواذيب.

كان كل شئ ناقصا فتولدت الحركة الوطنية ولديها ما تطالب به مختصرا فى الاسقلال التام، والذى لا يتم إلا بترحيل الفنيين والإداريين الفرنسيين وسحب القواعد العسكرية وتأميم شركة ميفرما ومراجعة الاتفاقيات مع فرنسا.
وبعد مؤتمر ألاگ وتوحيد الأحزاب فى حزب واحد هو “حزب الشعب” بدأت جبهة المعارضة في ممارسة العمل السري و شهد الوعي الوطني المعارض دفعاً ثورياً تنامي عبر نشرات ثقافية وإعلامية محددة، فصدرت عن المعارضة مجلة نقابة المعلمين”الواقع” سنة 1962 و”موريتانيا الفتاة” سنة 1964 و”الكفاح” سنة 1967 ثم بدأت الإضرابات العمالية في شركة “ميفرما- MIFERMA” سنة 1963.
كان الرق مستشريا فى الأرياف والمدن وكانت الطبقية صارخة وكان الإقطاع لاحدود له فى مجتمع لم يعرف يوما الدولة المركزية وكان قادة الدولة الحديثة أمام رهان مستقبل شديد التحدي فالعاصمة خيمة بين الفرنان تعصف بها أرواح الأطماع الخارجية والاستقلال ناقص والفرنسيون هم من يدير كل شئ والشباب الوطني متحمس وعلى وعي كامل بكل مايدور ويغذيه فكر أحمر هو عدو الأمبريالية الأول.
وجاءت أحداث 1966 العرقية الدامية، ثم توالت الأحداث نكسة حزيران 1967 والثورة الثقافية في الصين وأحداث 1968 في فرنسا، والاتجاه الشعبي لتحرير فلسطين، ثم كانت القطرة التى أفاضت الكأس أحداث ازويرات والتي كانت تسمى “لِبْطَاحْ” في 29 مايو 1968 حيث قتل العمال المتظاهرين في مدينة ازويرات وسقط عمال المناجم وسقط المناضل المصطفى ولد الدمين، وكتب عنها أحمدو ولد عبد القادر قصيدته المشهورة “رسالة العجوز”:
مختار يا رجل البلاد :: مختار يا بدر السنين
ماذا دهاك وأي شيءٍ :: قلته للائمــين
قد كان لي ولد يسمى :: المصطفى نجل الدمين
بالامس بالأمس القريب :: قرأت عنه رسالتين
إذ قيل إن رصاصة :: شقته بين المنكبين
أسفي عليه وحسرتي :: وتوجعي عبر الأفين
يا أيها الإنسان ما :: أغراك بالمستضعفين
هم طيبون لأنهم :: ثاروا على المستوطنين
طلبوا الزيادة في الأجور :: وراحة للمتعبين

وكتب أحمد باب ولد أحمد مسكه من منفاه في باريس:
قف بالبطاح زميلي :: زر مسقط الشهداء
قف بالبطاح زميلي :: تسمع عويل النساء
هذي البطاح زميلي :: سالت بأزكى الدماء
وقل لشعب نبيل :: هل تكتفي بالبكاء
هل تكتفي بالعويل :: وهم سخوا بالدماء
هم واجهوا الموت صبرا :: لينقذوا الشعب طرا
من مستغليه قهرا :: من زمرة العملاء
ثر طالبا لك ثأرا :: من قاتلي الأبرياء

أنشأ سيد محمد يحدو وطفق للتنسيق مع رفاقه بهدف وضع أسس صلبة لحركة وطنية ” ذات شبكات وخلايا سرية ” تهدف إلى خلق وعي جماهيري قادر على إخراج المجتمع من ربقة التخلف الفكري الكامنة في الطبقية العفنة والتبعية الاقتصادية والفوارق الاجتماعية والاستعمار والاستعلاء العرقي وجبروت الأنظمة البوليسية. وتهتم بقضايا المواطن الفقير وبقضايا العدالة الاجتماعية والمساواة فكانت “حركة الكادحين” التى استقطبت النواة العمالية من معلمين وعمال وطلبة.
كما استغلت الجهة والقبيلة لكسب الأنصار ولجأت إلى الفكر الماركسي لحل المسألة القومية والتركيز في التحليل على الجوانب الاقتصادية وعلى توعية الطبقات المحرومة.
كان سيد محمد هو الأب الروحي و قطب الرحى وعرف اختصارا ب ” سُميدع ” وكان الشباب يتلقى تعاليمه، كان شابا نحيلا وديعا لاتلين عزيمته ولاتفل شباته، ويمتلك قدرة فائقه على الإقناع.
كان بسيطا فى مظهره يلبس دراعة رثة ويربط سروالا مُدَخّلا ” بميشْ اللّمبه ” أحيانا، و أحيانا ” بتجكريت”.
وكان رغم ضعف بنيته يتنقل بن مدن وقرى البلاد ويستقطب الرفاق.
فى لقاء “تكمادي” فى “گورگول” تأسست “حركة الكادحين” وبين سميدع للرفاق معالم الطريق فحملوا المشاعل إلى أرجاء المنتبذ القصي:
محمد المصفى ولد بدر الدين، محمدو الناجي ولد محمد ولد أحمد، وعبد القادر ولد حماد، ومحمد عبد الله ولد حي، والمصطفى ولد اعبيد الرحمن، والتجاني ولد كريم، وأحمدو ولد عبد القادر، محمدن ولد إشدو، ومحمد فال ولد بلال، ومحمد شين ولد محمادُ، و محمد بن ددا، ومحمذن ولد باگا، ومحمد ولد باگا، وعينينا ولد أحمد ولد الهادي، وإبراهيم السالم ولد بوعليبه، وحمود ولد صالحي، محمد ولد منيّ، ومرتودو جوب، ومحمد ولد مولود، وبدّنْ ولد عابدين، يحيى ولد عمارو، حمود ولد إسماعيل، و يَبّ ولد البشير، أحمد ولد حباب، ومحمد الحسن ولد لبات، و أحمدو ولد حمّد، وإسلمو ولد عبد القادر، و باه عثمان، و جابيرا جاقيلي، لمام شريف، جالو لانسانا، أحمدو ولد ميم، و با محمود، إبراهيم ولد حيموده وعبد الله ولد إسماعيل ود. مصطفى سيدات، ويب ولد الشيخ البناني، وعبد القادر ولد أحمد، ولادجي تراوري، ودافابكاري، ولمرابط ولد حمديت، وبا عبدول، والطالب محمد ولد لمرابط، ويحي ولد الحسن و محجوب ولد بيه وغيرهم.

استطاع سميدع أن يوحد الشرائح الوطنية المناضلة في بوتقة واحدة هي بوتقة النضال ضد الإمبرييالة والإقطاع و نجح في جمع الزنوج والعرب وأقنعهم بالنضال من جل وطن موحد، هوموريتانيا الموحدة.
تحمل سميدع المرض والجوع فى سبيل أهدافه عاش حياة شاقة مليئة بالتعب ولكنه كان ينظم وقته بما يكفي و لم ينشغل يوما بما ينشغل به الشباب من أحاديث وأفعال. كانت ماكينة ” استنيسيل ” تدور و” صيحة المظلوم ” توزع المناشير تتطاير والجدران توشم بالأحمر القاني ” تسقط الأمبرالية ” ” يسقط الإقطاع ” “لا للتبعية “…
أغاني محمد شين تتردد: ” لازم تطيح لمبريالية”
شبابِ داعِ :: شبابْ الدولْ
يضربْ لقطاعِ :: كانو يُزَوَّلْ

قاد سميدع مظاهرات الشمال فى “لبطاح” ازويرات داعيا لتأمم ميفرما MIFERMA ولحقوق عمال المناجم وخفض ساعات العمل وزيادة الأجور والضمان الصحي فكان ماكان ….
كان سميدع كالشمعة التى تحترق لتضيئ الدرب ساءت حالته وتدهورت صحته فذهب إلى دكار للعلاج ولدكار حكاية غامضة مع السياسين الذين يأتونه للعلاج بدأت مع الأمير محمد فال ولد عُمير وانتهت بالسياسي البارز فاضل أمين وبينهما بسميدع ..
فى السابع من يناير 1970 أسلم سيد محمد ولد سميدع الروح فى دكار فى عنفوان حركة الكادحين وأوج عطائها.
ومن قصيدة أحمدو ولد عبد القادر في رثائه:
يحز في النفس آلاما وأحزانا :: موت الرفيق إذا ما كان إنسانا
وكان شهما نقي القلب متخذا :: على مبادئه بالبذل برهانـا
براءة الطفل تحنو فوق بسمته :: إن كان يألف إخوانا وخلانا
وصولة المارد الجبار صولته :: إن ثار يفضح تدليسا وطغيانا
يا من يعز علينا أن نفارقه :: حيا وأصبح في تعداد قتلانـا
قل للطلائع إذ ترثي سميدعها :: والرزء أثقل من أجبال تاگانا:
لا تمنحوه رثاء لا يلائمه :: دمعا وحزنا وإشفاقا وإذعانا
فلتأخذوا المشعل الخفاق من يده :: ولتملؤوا الدرب إقداما وإيمانا

كامل الود

من صفحة اكس ول اگرگ Sidi Mohamed

شارك هذه المادة