عرف الشيخ سهلة بن بتَّا رحمه الله، بالظرافة وسرعة البديهة وشدة التمسك بالطبع الديماني، وذات يوم كان جالساً بين فتية من قومه و”مركوبه المدُّوبُ” يرعى غير بعيد من الخيمة، وفجأة قدم تاجر متجول يسوق قطيعاً من الغنم، ويحمل بعض عروض التجارة “بَيْصَاتْ مِنْ الخِنْطْ”، وبعد أخذ ورد مع الفتية أعجبه عرض قدمه سهلة حيث قايض الغنيمات والقماش بالجمل ورحله، فانعقد البيع بعد التراضي وركب الرجل جمله وأغذ السير، وواصل القوم حديثهم، ولم ينشب التاجر أن كر راجعا يقرع سنه من ندم، وأناخ الجمل على عجل وطلب من سهلة الإقالة، مؤكداً أنه باء بصفقة المغبون، فرحب به سهلة وأشار بيده إلى البضاعة ليطمئنه على عدم تصرفه فيها، ثم أردف قائلاً: لا مشكلة لدي في الإقالة ولكن ماذا سنفعل مع أبيات الشيخ السهيلي الواردة في حالتنا هذه؟ فقال له الرجل ذُوكْ اشْنبْتْهم؟ فقال:
بعد ركوب الجمل الإقاله* قال السهيلي إنها محاله إلا إذا تُرِكَ بعضُ الثمن*للمشترى منه لخوف الغَبَن
فعمل الرجل بقول السهيلي وتنازل عن البيصات الثلاث لسهلة، وساق الغنم راجعاً إلى أهله راضياً بنصيبه.
أسقط في يد القوم، واستظرفوا مخالفة سهل لمشهور مذهب القوم وبيعه للإقالة من خلال ارتجال بيتين طريفين ضمنهما قولاً عزاه لنفسه.
يعقوب اليدالى