كلما جاءت أمة لعنت أختها، هذه هي سنة السياسة في موريتانيا، منذ الإطاحة بنظام حزب الشعب في العاشر من يوليو، 1978.
فعلها ولد هيدالة حين ابتكر “هياكل تهذيب الجماهير، التي ورثت حزب الشعب، الذي حوله ولد الطايع لاحقًا إلى الحزب الجمهوري، ثم جاء ولد الشيخ عبد الله بالمتحور الجمهوري (عادل) الذي حوره ولد عبد العزيز إلى “الاتحاد” الذي حوّره ولد الغزواني الآن إلى ” الانصاف”..
عادي جدأ، حدثَ التحورُ ذاته في دول الجوار، ففي السنغال مثلًا بقيت تسميات الأحزاب على حالها نسبًا لكن كل قادة حزب عبدو جوف رحلوا إلى حزب عبد الله واد، ثم رحلوا لاحقًا إلى ماكي صال.. وهم بصدد الرحيل قريبًا الى وجهة اخرى..
هكذا الساسة في “المخزن” في المنطقة حيث تكرر الشيء ذاته في المملكة المغربية تقريبا، حيث تتغير الحكومات ويبقى المخزن مخزنًا في كل الظروف..
هي في الغالب، هنا أو هناك، قوى يمينية محافظة، رتيبة، لا تؤمن بغير التغيير في ظل الاستقرار، وهي حاضنة الحاكم، وهي القوية في المجتمع وفي الإدارة وفي رأس المال.
ما يميز التحور الجديد هو ما يميز ولد الغزواني عن سابقيه من الكياسة في تدبير أمور السياسة، حيث انتظر زهاء ثلاث سنوات لتغيير اسم الحزب الحاكم، ثم خرج عن المألوف من التسميات إلى شعار يتماهى تمامًا مع برنامجه الذي استهدف منذ الوهلة الاولى الطبقات الاجتماعية الهشة..
“الانصاف” اليوم غاية حزب ضعيف الاداء، كثير الاعداء، لكنه ممتد على جميع الارجاء، ومنه ينحدر الساسة والوجهاء والوزراء، ونقصهم، في تقدير ولد الغزواني، هو نقص القادرين على التمام.
الإنصاف يعني أن هياكل الحزب ستنخرط في برامج اجتماعية موازية لبرامج الحكومة، وأنها ستتوجه إلى ما يجمع وما ينفع الناس من السياسة، وهو طرحٌ لا يخلو من وجاهة كرافعة سياسية للب برنامج ولد الغواني.
الأهم، هو اختيار شخصية شابة لقيادة المتحور الجديد، فولد أييه (من مواليد 1968) الحائز على ماجستير في الاقتصاد من (جامعة تولوز 1) أكد خلال فترته في الوزارة وفي النطق باسم الحكومة استيعابه لرؤية ولد الغزواني وقدرته على إيصالها على وجه لا تفريط فيه ولا دعاية مغرضة ترفضها المرحلة.
يعي ولد أييه جسامة التكليف، ويعي أيضًا أنه معني أولًا واخيرا بتوجيه البوصلة صوب “الانصاف”
عبد الله اتفغ المختار